إنها لحظة حاسمة بالنسبة للمياه، ولا يمكننا عكس التيار إلا بالعمل معًا

المياه موجودة في كل مكان ولكن الصالح منها لا يكاد يوجد في أي مكان. إنها موجودة في كل مكان بحيث لا نكاد ننتبه إليها - ونأخذها كأمر مسلم به.

نعم، هناك مياه في كل مكان. المحيطات تغطي 70 في المائة من مساحة كوكبنا. ولكن المياه العذبة المتوفرة والتي يمكن استخدامها محدودة بشكل مدهش: مجرد 0.05 في المائة من المياه على سطح الأرض.

وكمية المياه القليلة نسبيا هذه ثمينة بشكل لا يصدق، وتصرفات البشر تعرضها للخطر.

ومع تفاقم تغير المناخ ونمو عدد سكان العالم، يُعقّد سوء استخدامنا وإهمالنا المستمرين لدورة المياه بأكملها كل تحد آخر نواجهه. وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي أُحرز في مجالات أخرى، ما زال 2.2 مليار شخص في العالم – أي أكثر من واحد من كل أربعة أشخاص – يعيشون من غير مياه شرب تدار بشكل آمن.

والأسوأ من ذلك، أن 3.5 مليار شخص لا يتمكنون من الوصول إلى خدمات الصرف الصحي المدارة بشكل آمن.

ويأتي الأسبوع العالمي للمياه هذا العام في لحظة حاسمة، في نقطة منتصف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

وعلى الرغم من الجهود المتضافرة والالتزامات العالمية، كان التقدم المحرز نحو تحقيق تعهد هدف التنمية المستدامة السادس: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة، غير كاف.

وفي بعض الأقاليم والبلدان، يجري عكس التقدم المحرز.

حصاد الملفوف في كينيا مع المزارع الصغير Gilbert Muriuki، الذي تزدهر خضرواته بفضل نظام الري الذي وفره مشروع يدعمه الصندوق. © IFAD/Joe Kinyanjui Kageni

عمل الصندوق بشأن المياه

يساعد عمل الصندوق بشأن المياه تحقيق هدف التنمية المستدامة 6 من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا الخاصة بالمياه من أجل السكان الريفيين الذين يعيشون في مجتمعات محلية أشد ما تكون اعتمادا على المياه، ليس من أجل الشرب، والطهي، والصرف الصحي وحسب، بل من أجل سبل عيشهم بأكملها.

وتنفذ هذه الاستثمارات، بما في ذلك في إمدادات المياه المنزلية، ومخططات الري صغيرة النطاق، وتجهيز ما بعد الحصاد، مع المجتمعات المحلية الريفية، والتجار، وتجار التجزئة والحكومات المحلية.

في كمبوديا، على سبيل المثال، يدعم الصندوق CAM-Science، وهي شركة تقنية ناشئة تقوم بإيجاد طرق أفضل للزراعة. وقد صممت هذه الشركة نظاما رقميا يسمح للمزارعين بالتحكم بالري عن طريق هواتفهم المحمولة وهم يقيسون مؤشرات مفيدة، مثل رطوبة التربة وحرارة الهواء.

والمزارعون الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا يحصدون غلات محاصيل أفضل ويستخدمون كميات أقل من المياه. وتقوم شركة CAM-Science الآن بالبحث عن تكنولوجيات أخرى، مثل الذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تحسّن النظام.

وفي جنوب منغوليا، دعم الصندوق مشروعا يستثمر في الآبار العميقة في ست مقاطعات كانت تعاني من نقص المياه بسبب تغير المناخ، مما يتسبب بحدوث توترات بين المجتمعات الرعوية المحلية. ومع انخفاض التنافس على المياه، خفّت النزاعات، ويعزز هذا التحول من خلال العمل مع المجتمعات المحلية بشأن خطط إدارة المراعي لضمان استخدام وتقاسم الآبار العميقة بشكل منصف.

ويعتقد الصندوق بأن الدعوة من أجل نهج متكامل وتشاركي بشأن إدارة الموارد المائية يمكن أن يعيد للسكان الريفيين الفقراء السيطرة على الموارد التي يعتمدون عليها.

وهذه هي تماما غاية هدف التنمية المستدامة 6.

استراتيجية عالمية من أجل مشكلة عالمية

ومع ذلك، نجد أنفسنا متخلفين بشكل كبير على المستوى العالمي. فالأمراض المنقولة بواسطة المياه والتي يمكن الوقاية منها، مثل الكوليرا والتيفوئيد، تقتل حوالي 000 1 طفل دون سن الخامسة كل يوم.

وتظهر سلسلة التقارير عن مؤشرات هدف التنمية المستدامة 6 لعام 2024 أننا نواجه أزمة لها تداعيات عميقة على العديد من أهداف التنمية المستدامة الأخرى، ولا سيما تلك المتعلقة بالفقر، والأغذية، والصحة، والتعليم، والمساواة بين الجنسين، والاستدامة، وسلامة البيئة.

واستجابة لذلك، من دواعي فخري، كرئيس للجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية، أننا جمعنا منظومة الأمم المتحدة بأكملها لتطوير استجابة تهدف إلى إعادة تركيز جهودنا، وتعزيز تعاوننا عبر المنظومة، وتعبئة الموارد للوفاء بالتزاماتنا تجاه المجتمع العالمي ومستقبل كوكبنا.

وتؤكد استراتيجية الأمم المتحدة للمياه والصرف الصحي على نطاق المنظومة على ضرورة تحسين دعم الأمم المتحدة للدول الأعضاء، ولا سيما البلدان النامية، في جهودها لتوفير المياه الآمنة والصرف الصحي للجميع.

وتجسد هذه الاستراتيجية توافق جديد في الآراء على أن اتخاذ إجراءات أسرع وأكبر في مجال المياه والصرف الصحي سيحقق مكاسب عبر جميع أبعاد التنمية المستدامة ويخفف من معاناة البشر.

وعلى الرغم من التحديات غير المسبوقة، لدينا الآن أدوات غير مسبوقة وزخم سياسي غير مسبوق. ويجب علينا استخدام هذه العوامل لتقديم الاستثمارات للمناطق التي هي في أشد الحاجة إليها، وبناء عالم تتوفر فيه للجميع مرافق المياه والصرف الصحي المدارة بشكل مستدام والتي يمكن الحصول عليها بأسعار معقولة.