في عصر من عدم الاستقرار العالمي، تمثل النساء والفتيات مفتاح الاستقرار في المناطق الريفية. ولكن التمييز العميق الجذور يمنعهن من بناء مستقبل أفضل لأنفسهن، ولأسرهن المعيشية ومجتمعاتهن المحلية. واليوم، تزيد الديناميكيات العالمية من تآكل حقوقهن.
النساء الريفيات ينتجن الكثير من أغذية العالم، ولكنهن يملكن أقل من خمس الأراضي. وتشكل النساء أغلبية البالغين الذين ليس لديهم حساب لدى مؤسسة مالية رسمية، واحتمال أن يتلقى السكان الريفيون في البلدان النامية الخدمات من المؤسسات المالية هو بالفعل أقل من سكان المناطق الحضرية. كما أن النساء الريفيات أكثر تأثرا بشكل حاد بالهشاشة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والمجتمعي، والأحوال الجوية الشديدة – ولكن مع فرص أقل للحصول على الائتمان، ومدخرات أقل، وصعوبات أكبر في الوصول إلى الأسواق، فإنهن يفتقرن إلى شبكة أمان لاجتياز الأوقات الصعبة.
وعلى الرغم من درجة ضعفهن الأكبر، يجري إغفال النساء في التنمية الريفية. والمزارعات الريفيات لديهن فرصة أقل من الرجال للوصول إلى خدمات الإرشاد الزراعي، ونسبة 2 في المائة فقط من التمويل المناخي تأخذ في الاعتبار احتياجات وأوضاع النساء والفتيات.
إلا أن هذه الأرقام المثيرة للقلق تحمل في طياتها بذرة أمل. فمن خلال الدفاع عن حقوق النساء الريفيات في المساواة والتمكين، يمكننا أن نحول الضعف إلى فرصة والهشاشة إلى قدرة على الصمود.
وتمكين النساء من الحصول العادل على الأراضي والموارد لا يتيح لهن التمتع بقدر أكبر من الازدهار وحسب، بل وإنتاج المزيد من الأغذية وبناء مجتمعات محلية قادرة على الصمود. وسد الفجوة بين الجنسين في الزراعة يمكن ببساطة أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحوالي 1 تريليون دولار أمريكي، ويزيد غلال المزارع بنسبة 20-30 في المائة، ويحد من عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بمقدار 45 مليون شخص.
ومع تحسين القدرة على الصمود، يمكن للنساء التغلب بشكل أفضل على العوائق الاقتصادية، والاجتماعية، والمؤسسية، واقتناص الفرص من أجل التمكين. إذ سيتكيفن مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتحولة ويتغلبن على تحديات مثل الوصول المحدود إلى الموارد المالية، والتعليم، وفضاءات صنع القرار والتأثير فيها من أجل بناء سبل عيش مستدامة.
وتعزيز الشمول المالي للنساء الريفيات، وفرصهن في ريادة الأعمال، ومشاركتهن في القيادة والحوكمة سيمكنهن من بناء الأمن طويل الأجل لأنفسهن، وأسرهن، ومجتمعاتهن المحلية. وتمكين النساء والفتيات لكي يصبحن أكثر قدرة على الصمود ليس مجرد ضرورة أخلاقية، وإنما أمر أساسي للأسر المعيشية، والمجتمعات المحلية، والاقتصادات كي تزدهر في وجه التحديات العالمية.
ومع خبرة عقود من العمل في مجال التنمية الريفية في الميل الأول، تعلم الصندوق ما يصلح لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم التمكين. ولتحويل المجتمعات بحيث تأخذ النساء الريفيات مكانهن الصحيح كجهات فاعلة اقتصادية، وصناع قرار، وشركاء متساوين، يجب علينا أن نتحدى أوجه عدم المساواة الهيكلية والدعوة لسياسات وممارسات تزيل ديناميكيات القوة التي تحافظ على تهميش النساء. وعلينا أن نبدأ من المنطلقات التالية.