الحق في الغذاء مكرس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهو ثالث أهم حاجة أساسية للإنسان بعد الهواء والماء. ومع ذلك، لا يزال 757 مليون شخص يعانون من الجوع.
وتزرع المزارع الصغيرة أكثر من ثلث الغذاء في العالم. والأكثر من ذلك أنها تنتج أغذية أكثر تنوعا من المزارع الأكبر حجما. ومن خلال الدعم المناسب، يمكنها إطعام مجتمعاتها المحلية دون الاعتماد على المدخلات المستوردة، الباهظة الثمن والتي لا يمكن التنبؤ بها في كثير من الأحيان، والأسواق الدولية.
يعرف صغار المزارعين ما هي المدخلات التي تناسب أراضيهم على أفضل وجه. وتقوم Elsie بجمع البذور من النباتات المغذية التي تزدهر في حديقتها في جزر سليمان، وتجلبها إلى مركز البلازما الجرثومية المجتمعية الذي أنشأه مرفق التحفيز الريفي والزراعي لجزر المحيط الهادي. والآن، لم يعد المزارعون بحاجة إلى الاعتماد على البذور المستوردة الباهظة الثمن. وبدلا من ذلك، أصبح لديهم مخزون متنوع وراثيا من الثروة المحلية التي ستجني ثمارها لأجيال.
ويقوم Boiman، وهو مزارع كاكاو إندونيسي، بخلط المواد العضوية مع فطر الترايكوديرما. وفي غضون شهر، سيتحول هذا الخليط، الذي أُعد بدعم من مبادرة توسيع نطاق التمكين الريفي والتنمية الزراعية، إلى سماد عضوي غني. وتتسم أشجاره وحقول الأرز الخاصة به بالخصوبة وزيادة الإنتاجية. والأهم من ذلك أنه لم يعد عرضة لتقلبات أسعار الأسمدة العالمية: فالأسمدة المصنوعة محليا أفضل لمحاصيله وأفضل للتربة – بل وأفضل لمحفظته.
غالبا ما يفتقر المزارعون الأفراد إلى الموارد اللازمة لنقل المنتجات إلى أعلى سلسلة القيمة. ولكن باجتماعهم معا في منظمات المزارعين، يصبحون أقوى من عملهم فرادى.
وفي البرازيل، تدير Neneide تعاونية Cooperxique، وهي تعاونية زراعية تشجع الزراعة الأخلاقية الصديقة للبيئة، لا سيما في المدن الصغيرة. وقد استثمرت هذه التعاونية، من خلال منظمات المزارعين لأمريكا اللاتينية، في معدات لتجهيز الفاكهة وحفظها حتى يتمكن الأعضاء من إضافة قيمة إلى منتجاتهم وكسب المزيد من الأرباح.
أما في بيرو، فقد طوّر أعضاء تعاونية Allima منتجات جديدة باستخدام الأغذية الأصلية، وحصلوا على المعدات وتلقوا التدريب وسوّقوا الشوكولاتة التي أنتجوها عبر الإنترنت بدعم من مرفق الصندوق لتحفيز فقراء الريف.
إن ما يزرعه الناس ويأكلونه لا يهم صحتهم فحسب، بل يهم هويتهم أيضا.
وبالنسبة للشعوب الأصلية، فإن للأطعمة التقليدية أهمية ثقافية وروحية على حد سواء. ففي تنزانيا، قام Shakwa بإدخال خلايا نحل معاد تصميمها مقدمة من مشروع تدهور الأراضي وزيادة الأمن الغذائي في النظم الإيكولوجية المتدهورة في المناطق شبه القاحلة في وسط تنزانيا. وقد مكنته خلايا النحل هذه من الاستمرار في ممارسة تربية النحل التقليدية الخاصة بشعب الهدزابي على الرغم من تغير المناخ.
وبالنسبة للسكان الريفيين الذين يعانون من عدم القدرة على تحمل أغذية معينة، قد يكون من الصعب عليهم إيجاد بدائل ميسورة التكلفة. وكان هذا هو الحال بالنسبة لأسماء، لذلك بدأت في صنع منتجاتها الخاصة الخالية من الغلوتين بمنحة ابتكار من مشروع النمو الاقتصادي والتوظيف الريفي. وهي الآن تتلقى طلبات عبر الإنترنت من جميع أنحاء الأردن لشراء 18 منتجا صحيا.
وتقوم Carolyn وابنتها Bella في نيجيريا ببيع الخبز والغاري والوجبات الخفيفة المصنوعة من البطاطا الحلوة ذات الأنسجة البرتقالية. وهذه البطاطا لذيذة وغنية بفيتامين ألف. وبالنظر إلى أن كل طفل ثان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعاني من نقص هذا الفيتامين الحيوي، فإن هذه الوجبات الخفيفة يمكن أن تحدث فرقا كبيرا.
لكي تنتج المزارع الصغيرة ما يكفي من الغذاء، فإنها تحتاج إلى الوصول إلى المدخلات والخدمات. ويمكن للأعمال الزراعية التي يديرها السكان الريفيون أن توفر ذلك، وهو ما يغلق حلقة الإنتاج ويحافظ على الطابع المحلي.
وتدير Beatrice متجرا شاملا للمزارعين المحليين في ياتا، كينيا. وهي تقبل القسائم الإلكترونية المقدمة للمزارعين الذين يحصلون على تأمين على المحاصيل من خلال برنامج تعزيز الحبوب في كينيا - نافذة سبل العيش الزراعية المقاومة لتغير المناخ، وتزودهم بالمدخلات، بدءا من المبيدات وصولا إلى الأكياس المختومة لتخزين حبوبهم بأمان.
وفي نيجيريا، تشتري Lovely الأرز العالي الجودة الذي تزرعه مجموعات زراعية نسائية محلية تلقت التدريب والمعدات من برنامج تنمية سلاسل القيمة. ويُكفل لهذه المجموعات سعر جيد، بينما يمكن لمرفق Lovely لتجهيز الأرز المسلوق، الذي أُنشئ بمعدات مقدمة من برنامج تنمية سلاسل القيمة، أن يعتمد دائما على الحصول على الكمية والجودة المناسبين للأرز.
إن المزارع الصغيرة لا تساعد على ضمان حق كل فرد في الحصول على الغذاء فحسب، بل تضمن أيضا أن يكون ما يأكله الأفراد آمنا ومتنوعا ومغذيا.
