الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في الاقتصاد الأزرق: هل سيغير هذا الأمر من قواعد اللعبة؟

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في الاقتصاد الأزرق: هل سيغير هذا الأمر من قواعد اللعبة؟

المقدر للقراءة دقيقة 6

©IFAD/R. Ramasomanana

"الاقتصاد الأزرق" كلمة جديدة طنانة تتردد كثيرا في جدول الأعمال الدولي للتنمية المستدامة. إذ يتحدث الناس عن الاقتصاد الأزرق في العالم بأسره، ويجتمعون في منتديات مختلفة لتبادل الأفكار عن كيفية الاعتناء بصورة أفضل بهذا المورد الحيوي. ولكن ما هو الاقتصاد الأزرق؟ وما موقعه من العمل الإنمائي الذي يقوم به الصندوق؟

يتعلق الاقتصاد الأزرق بالاستخدام المستدام للموارد المائية والحفاظ عليها – وهي المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار – وذلك بغية توجيه النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش وخلق فرص العمل، مع ضمان احترام البيئة والقيم الثقافية والتنوع البيولوجي. ويدعو الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة المجتمع الدولي إلى "صون المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها بصورة مستدامة لأغراض التنمية المستدامة".

لماذا يعد الاقتصاد الأزرق غاية في الأهمية في حياتنا؟ دعونا نأخذ نظرة سريعة على بعض الإحصائيات. تغطي المياه أكثر من 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض، ويعيش حوالي نصف سكان العالم ضمن مسافة 100 كيلومتر من البحار. وتقع ثلاثة أرباع جميع المدن الكبرى في العالم على ضفاف البحار، وتعبر 90 في المائة من السلع التي تتم المتاجرة بها عالميا عبر البحار. ويقدر الاقتصاد العالمي المستند إلى المحيطات بحدود 3 تريليون دولار أمريكي سنويا، مما يمثل حوالي 5 في المائة الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتوفر صناعات الاقتصاد الأزرق سبل لكسب العيش لما يزيد عن 820 مليون شخص في جميع أنحاء العالم في ميادين متنوعة تتضمن الشحن البحري وما يتعلق بها من نقل وتوليد الطاقة والتعدين والإنشاءات والتجارة والسياحة والبحوث، من بين جملة أمور أخرى، من دون أن ننسى الخدمات الهامة للغاية التي يوفرها هذا الاقتصاد للنظام الإيكولوجي مثل احتجاز الكربون.

ويشكل الصيد وتربية الأحياء المائية جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد الأزرق، وربما يعتبر هذا القطاع أحد أهم القطاعات نظرا للتوزيع الكبير للفرص والفوائد التي يخلقها في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في البلدان النامية. وقد ازداد إنتاج الأسماك عالميا إلى حوالي 171 مليون طن، يأتي نصفها تقريبا من تربية الأحياء المائية بما قيمته حوالي 362 مليار دولار أمريكي. وتشكل الأسماك حوالي 20 في المائة من المأخذ الفردي من البروتين الحيواني لما يقدر بحدود 3.2 مليار شخص، مسهمةً بما نسبته 17 في المائة من إمدادات أغذية البروتين الحيواني عالميا. ويستمر قطاع تربية الأحياء المائية في النمو بصورة أسرع من غيره من القطاعات الأساسية لإنتاج الأغذية بحدود 6 في المائة سنويا. ويستقي حوالي 60 مليون شخص سبل عيشهم الأساسية من الصيد أو من تربية الأحياء المائية، وأكثر من 96 في المائة منهم يعيشون في البلدان النامية في آسيا وأفريقيا. ويعمل حوالي نفس العدد من الأشخاص، وبخاصة النساء، في تجهيز الأسماك بعد صيدها، وتسويقها وما إلى ذلك من الأنشطة ذات الصلة بسلاسل القيمة.

ومع أن عمل الصندوق لا يشمل بعض القطاعات في الاقتصاد الأزرق، إلا أن للصندوق تاريخ طويل في الانخراط في الميادين ذات الصلة بالموارد المائية بما يعود لأكثر من أربعة عقود. فمنذ عام 1980، دعم الصندوق أكثر من 100 مشروع تشمل المجتمعات التي تعتمد سبل عيشها على الموارد المائية من مصايد الأسماك على نطاق صغير إلى تربية الأحياء المائية على نطاق صغير والمناطق الساحلية. وتصل التكلفة الإجمالية لهذه الاستثمارات إلى ما يقارب 3.4 مليار دولار أمريكي، بلغت مساهمة الصندوق المباشرة فيها بحدود 1.6 مليار دولار أمريكي، ما يمثل حوالي 8 في المائة من إجمالي قروض ومنح الصندوق. وفي الوقت الحالي، هنالك أكثر من 35 مشروعا جاريا تشمل أنشطة تلامس مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والمجتمعات الساحلية.

تركز استثمارات الصندوق على تنمية سلاسل القيمة الكفؤة والمستدامة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، مما يمكن الصيادين والمزارعين من الوصول إلى المدخلات وإلى تكنولوجيات الإنتاج وما بعد الحصاد والبنى التحتية الأفضل والمهارات المحسنة. ولا بد من إيلاء الاهتمام للإدارة الفعالة للنظم الإيكولوجية للموارد المائية، مع تعميم القضايا الرئيسية ذات الصلة بالشباب والتمايز بين الجنسين والتغذية والشعوب الأصلية وتغير المناخ. وتواجه المجتمعات الساحلية، وعلى وجه الخصوص الدول الجزرية الصغيرة، تحديات فريدة من نوعها، بما في ذلك التهديدات البيئية والمناخية المتطرفة. وقد استجابت إدارة الصندوق لاحتياجات هذه المجتمعات، وعلى سبيل المثال في إعادة بناء سبل عيش وصمود المجتمعات التي تأثرت بشدة بظاهرة المد الزلزالي "التسونامي" في آسيا  وظاهرة النينو في أجزاء من أفريقيا. ومع الضغوط المتزايدة على الموارد المائية، لا بد من بذل جهود أكبر لتحسين إدارة مصايد الأسماك والموارد البحرية وصونها، وتنمية تربية الأحياء المائية على نطاق صغير للاستفادة من إمكانياتها الكبيرة. وهنالك ضرورة للمزيد من العمل على تحسين كفاءة الإنتاج والحد من خسائر ما بعد الحصاد، والابتكارات في إضافة القيمة، وتحسين استراتيجيات التسويق.

كيف يمكن للصندوق أن يعمل بصورة أفضل مع دوله الأعضاء ومع أصحاب المصلحة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشمولي، والتحول الاجتماعي باستخدام الاقتصاد الأزرق؟ ما هي التكنولوجيات وأفضل الممارسات والنماذج الإنمائية التي يمكن لها أن تنهض بالاستثمارات المستدامة في الاقتصاد الأزرق، وصون المناطق الساحلية وبناء صمودها، وكيف يمكن تكرار ما ثبت نجاحه على المستوى العالمي؟ بالتأكيد ما زلنا في بداية انطلاقة فجر جديد مع الاقتصاد الأزرق،  وهنالك فرص مثيرة بانتظار أن نتحرّاها، ودورس لا بد من تعلّمها، على أمل الوصول للإجابات الصحيحة على هذه التساؤلات.