أزمة لم يسبق لها مثيل في إقليم آسيا والمحيط الهادي

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

أزمة لم يسبق لها مثيل في إقليم آسيا والمحيط الهادي

المقدر للقراءة دقيقة 9

بعد استمرار تراجع معدلات الفقر والجوع لعدة سنوات في جميع أنحاء إقليم آسيا والمحيط الهادي، تهدد جائحة كوفيد-19 العالمية بقلب كل ما تحقق من مكاسب رأساً على عقب والزج بالبلدان الآسيوية إلى حالة من الركود. وسيكون الأثر على الإقليم شديداً وغير مسبوق وسيتجاوز كثيراً أثر الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007-2008 والأزمة المالية التي عصفت بآسيا في أواخر تسعينات القرن الماضي.

ووفقاً لتقرير أخير صادر عن مصرف التنمية الآسيوي، يواجه حوالي 68 مليون شخص في آسيا خطر فقدان وظائفهم خلال الأشهر المقبلة. وتُشير آخر توقعات صندوق النقد الدولي إلى حدوث نمو صفري في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو أسوأ أداء اقتصادي في آسيا منذ أكثر من 60 عاماً. وحذرت الأمم المتحدة من مجاعات محتملة ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.

ومع ذلك، تتباين الآثار حتى الآن تبايناً واسعاً بين القطاعات المتعددة، حيث بعض البلدان أكثر هشاشة من غيرها، وتواجه البلدان النامية أكبر الانتكاسات في حياتنا. وتُعد دول جزر المحيط الهادي من بين البلدان الأكثر هشاشة بسبب بنيتها التحتية الصحية الضعيفة واعتمادها على السياحة. وحتى داخل البلدان فإن بعض السكان أكثر تأثراً من غيرهم، وستقع أشد المعاناة على من هم أشد فقراً. وأفادت تقارير البنك الدولي أن من المرجح أن يسقط في هوة الفقر 20 مليون شخص من منطقة آسيا والمحيط الهادي في عام 2020 بسبب الأزمة. وسيكون التأثير حاداً بشكل خاص على العاملين في القطاع غير الرسمي، وأصحاب المهن الحرة الذين يعملون لحساب أنفسهم، والعمالة اليومية، وصغار المزارعين، والعمال المعدمين. وستعاني الأسر الفقيرة أيضا من انخفاض الدخل من التحويلات. ويتوقع البنك الدولي حدوث انخفاض في التحويلات بنسبة 22 في المائة في جنوب آسيا و 13 في المائة في شرق آسيا والمحيط الهادي.

استجابة لا مثيل لها

نحتاج في مواجهتنا لتلك الأزمة غير المسبوقة إلى استجابة سريعة وشاملة ومنسقة تحمي الفئات الأشد ضعفاً. ولا بد أن تتجه جميع جهودنا نحو الحيلولة دون تحول الأزمة الصحية الراهنة إلى أزمة غذائية. ولا بد من أجل ضمان الأمن الغذائي عالمياً وإقليمياً أن تستمر التجارة الدولية في الأغذية. ويجب تجنب فرض أية قيود على تجارة المحاصيل الأساسية الرئيسية مهما كانت تكلفة ذلك لأن القيود التجارية ستفضي إلى زيادات في أسعار الأغذية وسيؤثر ذلك بالتالي على الفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفاً. ومن المهم دعم مواصلة إنتاج الأغذية وتوزيعها داخل البلدان وضمان الحفاظ على الخدمات الزراعية الرئيسية وتدفقات الأغذية من الحقول إلى الأسواق.

ومن المهم بنفس القدر توجيه الدعم إلى الأسر الأشد تضرراً، لا سيما من أجل ضمان عدم اضطرار الأسر إلى بيع أصولها الأسرية الرئيسية من أجل البقاء.

في الواقع ، تدعم العديد من دول المنطقة برامج الغذاء والتحويلات النقدية الموجهة إلى الفئات الأكثر ضعفاً. على سبيل المثال ، في باكستان ، يقدم برنامج إحساس النقدي للطوارئ دعمًا للدخل لـ 67 مليون أسرة. في الفلبين ، تقدم الحكومة الدعم المالي لـ 18 مليون أسرة معيشية منخفضة الدخل.  في إندونيسيا ، يجري توسيع برنامج القسائم الغذائية ليشمل 20 مليون أسرة معيشية منخفضة الدخل. وفي الهند التي أثرت فيها حالة الإغلاق على 1.3 مليار نسمة، تقوم الحكومة بتكييف أكبر شبكة أمان توفِّر الدعم إلى بما في ذلك توفير التحويلات النقدية إلى 200 مليون امرأة في إطار مبادرة البعثة الوطنية بشأن الإدماج المالي.  

ومن الحاسم أيضاً تقديم دعم طارئ إلى ملايين المشروعات الصغرى التي يعمل فيها الفقراء، وضمان استمرار إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية. واتخذت بعض البلدان الآسيوية خطوات إيجابية في هذا الاتجاه. من ذلك على سبيل المثال أن هيئة تنظيم الائتمانات متناهية الصغر في بنغلاديش أرجأت مواعيد سداد أقساط القروض حتى يونيو/حزيران 2020. ولكن هناك الكثير مما ينبغي القيام به، لا سيما وأننا في حاجة إلى إجراءات موجَّهة لبناء القدرة على الصمود بين المنتجين الريفيين الأشد هشاشة. 

استجابة الصندوق في الإقليم

نسق الصندوق استجابته للأزمة بصورة وثيقة مع الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة، لا سيما مع الوكالتين الشقيقتين في روما: منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي.

ويدعم الصندوق الحكومات بعدة طرق: على مستوى السياسات، لا سيما من أجل الحفاظ على الأمن الغذائي؛ وعلى المستوى القطري لتنسيق العمل مع منظومة الأمم المتحدة حول تحليل أثر جائحة كوفيد-19؛ وعلى مستوى المشروعات من خلال إعادة توجيه مشروعات التنمية القائمة؛ وعلى المستوى الأوسع عن طريق تعميم مبادرات جديدة وموجَّهة لتعزيز القدرة على الصمود بين السكان الأشد فقراً في المناطق الريفية.

وفيما يلي بعض أمثلة على ذلك. فقد قدَّم الفريق القطري للصندوق في بنغلاديش المشورة إلى الحكومة بشأن الحفاظ على حركة المدخلات الأساسية والمنتجات الزراعية بين المناطق الريفية والأسواق. وفي الهند، تعمل مجموعة الأمم المتحدة المعنية بالأغذية والزراعة (الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي) يومياً مع اللجنة الحكومية الخامسة المعنية باللوجستيات، وتوفِّر بيانات آنية مستمدة من المشروعات الجارية كي يستعين بها كبار صانعي القرار. وتُسهم هذه المعلومات بدور مباشر في القرارات التي تمكِّن الزراعة والسلاسل الغذائية من الاستمرار في العمل.

وفيما يتعلق بتنسيق العمل التحليلي، تدعم الفرق القطرية التابعة للصندوق (بما فيها فرقه في الصين، وفيجي، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، والفلبين، وساموا، وجزر سليمان، وتونغا، وفانواتو، وفييت نام) أفرقة الأمم المتحدة القطرية في إعداد استقصاءات للأثر ووضع بروتوكولات لرصد الأغذية. وستسهم هذه الاستقصاءات بدور مهم في توجيه الانتعاش بعد الأزمة وضمان الاستعداد للموجات المقبلة من كوفيد-19 أو الجوائح الأخرى. 

وفيما يتعلق بإعادة توظيف الاستثمارات، يوجد حالياً لدى الصندوق برنامج قروض ومِنح بحوالي 2.5 مليار دولار أمريكي لتمويل ما يقرب من 60 مشروعاً في 20 من أفقر بلدان الإقليم. ويجري حالياً تكييف بعض هذه المشروعات الجارية في الوقت الفعلي، بالتشاور مع الدول الأعضاء، للاستجابة لجائحة كوفيد-19.

وفي كمبوديا، على سبيل المثال، يركز مشروع الخدمات الزراعية المعني بالابتكارات والقدرة على الصمود والإرشاد على السلع الغذائية ذات دورات الإنتاج القصيرة. وبالنظر إلى أن الإرشاد المباشر مسألة صعبة حالياً، يقدَّم الدعم التقني إلى المزارعين من خلال خدمات إلكترونية عبر الإنترنت والهاتف. وفي بنغلاديش، يجري في إطار مشروع الترويج للمشاريع الزراعية وإضفاء الطابع التجاري على الزراعة إنشاء نظام صامد في مواجهة كوفيد-19 لتسليم المدخلات الزراعية وتوزيع المنتجات على الأسواق. وفي بنغلاديش أيضاً، وفي شراكة مع البنك الدولي، يُساعد المشروع الوطني للتكنولوجيا الزراعية على توفير المدخلات الزراعية الأساسية والميكنة لصغار المزارعين الضعفاء. 

وفي الهند، يساعد برنامج تمكين المجموعات القبلية شديدة الهشاشة في أوديشا المزارعين الفقراء على نقل أصناف الفاكهة سريعة العطب إلى الأسواق. وتركز المشروعات في ولايات ميزورام، وناغالاند وأوتاراخند على توزيع البذور في المواعيد المناسبة في المناطق الجبلية النائية. وقامت مؤسسة النهوض بالمرأة، وهي شريك آخر في المشروع في ماهاراشترا، بإدخال آلات صرف الأموال الصغيرة (أجهزة تحمل باليد لتقديم الخدمات المصرفية الأساسية) من أجل تمكين القرويين وأعضاء جماعات العون الذاتي على مواصلة إيداع الأموال النقدية أو سحبها. ويناسب هذا النموذج بصفة خاصة حالة الإغلاق الحالية، وكذلك المناطق التي لا تتاح فيها المصارف بسهولة.

ولمعالجة الاختلالات في واردات الأغذية وتوزيعها، توسِّع المشروعات الممولة من الصندوق في ساموا وتونغا دعمها إلى الأسر الريفية كي تركز على الأغذية الطازجة والدرنيات والثروة الحيوانية والأسماك التي تفي بالطلب المحلي غير المُلبى وتسهم في زيادة الاعتماد على الذات داخل المجتمع المحلي.

غير أن الصندوق لا يقوم فقط بإعادة توظيف الاستثمارات القائمة، بل أطلق مؤخراً مرفقاً لتحفيز فقراء الريففي مواجهة جائحة كوفيد-19 سيمكِّن من توجيه أموال إضافية لدعم المزارعين والمجتمعات المحلية الريفية. وتجري بالفعل صياغة عدد من المقترحات التي تغطي إقليم آسيا والمحيط الهادي للموافقة عليها على وجه السرعة.

وقد غيَّرت جائحة كوفيد-19 بالفعل الحياة لدى عدد لا يحصى من الأشخاص في جميع أنحاء الإقليم. ويمكن لهذه الجائحة أن تمحو سنوات من المكاسب الإنمائية في كثير من البلدان. والواضح الآن هو أنه لا بد من تقديم استجابة عاجلة ومنسقة ومتعددة الأطراف. وكما جاء في البيان الوزاري للاجتماع الاستثنائي لوزراء الزراعة في مجموعة العشرين الذي عقد في 21 أبريل/نيسان، يلتزم الصندوق بالعمل في شراكة مع الدول الأعضاء وداخل منظومة الأمم المتحدة للتخفيف من آثار جائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي، ولضمان ألاّ يغيب عن الحسبان سكان الريف الأشد ضعفاً.     

 

اقرأ ايضاً
التعاون في زمن الأزمة: ثلاث خلاصات أوّلية من الاستجابة لجائحة كوفيد-19 في الهند
دعم المزارعين الكمبوديين خلال جائحة COVID-19
يساعد الصندوق في تشكيل استجابة بنغلاديش لأزمة الفيروس كورونا في المناطق الريفية
الأثر المحتمل لـفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على هدف التنمية المستدامة الثاني (الأمن الغذائي) - في الصين والعالم
#IFADatwork: مهمتنا في زمن COVID-19