إعادة النظر في الترحال - كيفية الاستجابة للفرص في عالم متغيِّر
IFAD Asset Request Portlet
ناشر الأصول
إعادة النظر في الترحال - كيفية الاستجابة للفرص في عالم متغيِّر
من David Suttie

©IFAD/Andrew Esiebo/Panos
يهاجر السكان الريفيون موسمياً في أحيان كثيرة مع قطعانهم أو للحاق بموسم الحصاد في مناطق أخرى. وغالباً ما ينتقلون إلى البلدات والمدن للتجارة، أو لأداء وظائف مؤقتة، أو للارتقاء بتعليمهم.
وتشيع في بعض أقاليم العالم ثقافات البدو الرُحل. وتمثِّل الهجرة أحد أكثر المواضيع إثارة للجدل، ويدرك مقررو السياسات تماماً عدد الأشخاص الذين ينتقلون من مكان إلى مكان. غير أن ما يفتقرون إليه هو البيانات التي يمكن التعويل عليها، ذلك أن من الصعب بدرجة كبيرة تسجيل التنقل في النُظم الإحصائية الرسمية.
والتنقل الداخلي من الأمور الشائعة. ومع ذلك تنزع النقاشات التي تدور على صعيد السياسات إلى التركيز على التنقل الدولي الذي يلاحظ بصورة أوسع في البلدان المستقبلة ويكون محط تقارير إخبارية أكثر. غير أن تحويلات المهاجرين داخل البلدان أهم في كثير من الأحيان لتكميل الدخل الريفي مقارنة بالتحويلات المالية من مناطق بعيدة - وأكبر أثراً في تخفيف حدة الفقر.
وبينما تغزو أعمدة هوائيات الهواتف المحمولة والطرق المعبَّدة ومولدات وخطوط نقل القوى إلى الريف، يُساهم التنقل بدور متزايد في كسب العيش في المناطق الريفية. والأهم من ذلك أن المسافات بين البلدات والمناطق الريفية آخذة أيضاً في الانكماش. وسيستمر اتساع فرص الهجرة الموسمية وما يُطلق عليه الهجرة الدورية التي ينتقل فيها العامل بانتظام بين موطنه ومنطقة مضيفة. ويشيع التنقل ذهاباً وإياباً في بعض المناطق. وتُقلِّص البلدات الصغيرة والمتوسطة الحجم الهوة بين الريف والحضر.
ولكن لماذا يُهاجر السكان الريفيون للإفلات من الفقر؟ إن الهجرة ينبغي ألاّ تكون ضرورة، بل ينبغي أن تكون خياراً لتحسين وضع الفرد أو الأسرة. وينبغي ألاّ تفضي إلى بطالة، أو ظروف عمل سيئة، أو استغلال وجريمة، أو تقويض المجتمع وحرمان الأطفال من فرصة النمو في كنف آبائهم.
ولكي تظل الهجرة خياراً بدلاً من أن تصبح ضرورة، نحتاج إلى الاستثمار في المناطق الريفية. ولكن التاريخ الاقتصادي المعاصر يعلمنا أيضاً أن الاستثمار في الزراعة والمناطق الريفية لا يحقق زيادات في إنتاجية الزراعة ودخلها فحسب، بل يُسرِّع النمو في سائر قطاعات الاقتصاد.
التحول الريفي يدفع نحو انتقال شامل من الريف إلى الحضر
عندما يكسب المزارعون دخلاً أكبر فإنهم يحصلون على أموال أكثر تمكنهم من شراء المدخلات والخدمات التي تحتاج إليها مزارعهم، ويحتاجون إلى الوصول إلى الخدمات المالية. وفي ظل ازدياد إنتاجية المزارع وتكاملها مع سلاسل القيمة، تحتاج المناطق الريفية إلى مرافق للنقل وتجهيز المنتجات وتعبئتها. وتصبح الأرباح متاحة للاستثمار أيضاً في سائر قطاعات الاقتصاد، وهو ما يؤدي إلى تسريع النمو في المناطق الريفية. ويزيد النمو في نُظم الزراعة والأغذية إنفاق المستهلكين على المواد الاستهلاكية غير الغذائية ويُحفِّز النمو في الاقتصاد بصفة عامة. وعندما تكون الزراعة غير منتجة تظل الاقتصادات في كثير من الأحيان فقيرة.
التنقل يمكن أن يُساهم في التنمية الريفية (والحضرية)
يوسِّع التحول الريفي خيارات السكان الريفيين ويدفع قدماً بالتنمية الاقتصادية. ويمكن أن يُهيئ فرصاً للتنقل (يفترض أحياناً أن التحول الريفي يوقف الناس عن الإقدام على الانتقال). ومن الناحية الأخرى، يمكن للتنقل أن يُساهم في التحول الريفي.
ويُساهم التحول الريفي في تنمية الاقتصادات غير زراعية المزدهرة؛ وتطوير المهارات والتقدم التكنولوجي وتكوين صلات بين المناطق الريفية والحضرية. ويتيح التنقل للأشخاص خيارات أكثر ويُساعدهم على تحقيق مزيد من الازدهار.
وعندما تصبح المزارع أكثر ازدهاراً وتعقداً، يُطوِّر أصحاب المشروعات أعمالهم لتلبية احتياجاتهم - في القرى أو البلدات المحلية في كثير من الأحيان. ولذلك من المهم الاستثمار في المجتمعات المحلية الريفية على طول سلسلة القيمة وضمان حصول أصحاب المشروعات على الأموال التي يحتاجون إليها لتوسيع أعمالهم.
وإلى جانب خدمات من قبيل التخزين والنقل والتغليف، يحتاج أصحاب الحيازات الصغيرة إلى الطرق ونُظم النقل والصلات المؤسسية التي تربطهم بالمعلومات والخدمات.
التكيُّف مع احتياجات المتنقلين
يحتاج الأشخاص أثناء تنقلهم إلى الوصول إلى المعلومات عن طريق الهواتف المحمولة. وباتت الشبكات والهواتف المحمولة، مدعومة بمحتوى التطبيقات والأدوات، مطلوبة لتزويد المهاجرين بالمعلومات والخدمات. وتخفِّض تطبيقات الهواتف المحمولة بالفعل تكاليف التحويلات والمدفوعات المالية للأشخاص في المناطق الريفية.
وإزاء هذه الخلفية، نحتاج إلى سياسات ومؤسسات واستثمارات تستجيب للتنقل. وبدلاً من جعل التنقل صعباً على الناس، ينبغي أن نزيل الحواجز التي تزيد من صعوبته عليهم كي يتسنى لهم الاستفادة إلى أقصى حد من وقتهم وزيادة إنتاجيتهم.
والتنقل استراتيجية أُسرية مشروعة وذكية في كثير من الأحيان. ويمكن عندما تدعمه الحكومات والوكالات الإنمائية والمجتمع المدني، ناهيك عن قطاع الأعمال الخاصة، أن يساهم في تحقيق نتائج أفضل للأُسر سواءً في المناطق الريفية أو الحضرية.
تاريخ النشر: 01 أكتوبر 2018