التحديات المتبقية أمام الصين للحد من الفقر

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

التحديات المتبقية أمام الصين للحد من الفقر

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/Qilai Shen

China - South Gansu Poverty-Reduction Programme

تأمل الصين بأن تعلن العام القادم بأنها قد استأصلت الفقر المدقع.

وسيمثل ذلك إنجازا فريدا من نوعه، نظرا أنه منذ 40 عاما فقط، كان حوالي 90 في المائة من السكان، أي أكثر من 800 مليون نسمة يعيشون دون خط الفقر. ولم يتمكن أي بلد آخر على الإطلاق من إخراج مثل هذه العدد الهائل من البشر من الفقر في فترة زمنية قصيرة نسبيا.

وبالفعل سيشكل مثل هذا الإنجاز سببا للاحتفال، إلا أن القضاء على الفقر المدقع لا يعني أن مهمة الصين قد انتهت. وأظن أنه سيتوجب على الصين بعد عام 2020 مواجهة التحديات الخمسة الأساسية التالية:

  1. 1. تحديد خط فقر جديد

يُتوقع بحلول عام 2020 ألا يعيش أي شخص في الصين على أقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم، أي دون الخط العالمي للفقر المدقع. إلا أنه ووفقا للجنة المعنية بالفقر في العالم، إذا ما تم اعتماد خط الفقر المحدد بحوالي 3.20 دولار أمريكي في اليوم (أي خط الفقر النمطي في البلدان متوسطة الدخل من الشريحة الدنيا) سيبقى ما يقارب 96 مليون شخص أو 7 في المائة من سكان الصين يعيشون دون هذه العتبة. وبالإضافة إلى ذلك: وإذا ما تم اعتماد خط الفقر المحدد للبلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا، أي 5.50 دولار أمريكي في اليوم، سيبقى حوالي 373 مليون شخص أو 27 في المائة من سكان الصين يعيشون في فقر. ولكنه ومهما كان خط الفقر الجديد المعتمد، سيبقى جزء كبير من السكان بحاجة للمساعدة.

ويمثل تخطي السكان هذه العتبة التحدي الأول للصين في السنوات التي التالية لعام 2020.

  1. 2. الحد من الضعف وتجنيب الأشخاص الذين خرجوا من الفقر من الوقوع في قبضته مرة أخرى

إذا تم إخراج جميع الأشخاص الذين كانوا يعيشون دون خط الفقر قبل عام 2020 بحلول عام 2020، فإنهم سيبقون عرضة للصدمات. وقد تؤدي الأمراض أو غيرها من الأحداث غير المتوقعة، أو خسارة العمل أو البطالة لفترات طويلة أو تكاليف تعليم الأولاد أو الأحداث مناخية غير المواتية أو تقلبات أسعار السلع الأساسية، ولا سيما بالنسبة للأسر العاملة في الزراعة إلى وقوع هذا الجزء من السكان من جديد في قبضة الفقر بكل سهولة.

وعلى غرار ذلك، قد يكون الأشخاص الذين يعيشون فوق خط الفقر بصورة طفيفة، وبالتالي لم يتم استهدافهم في برامج الحد من الفقر المدقع المنفذة في البلاد في السنوات الماضية معرضين بصورة موازية للوقوع في قبضة الفقر.

ويمثل تعزيز قدرة هاتين الفئتين من السكان على الصمود أمام الصدمات، ومنعهم من الوقوع في قبضة الفقر مرة أخرى، أو بعبارة أخرى ضمان استدامة إنجازات التخفيف من الفقر على المدى الطويل التحدي الثاني الذي يتعين على الصين مواجهته في السنوات القادمة.

  1. 3. الحد من انعدام المساواة

سيبقى انعدام المساواة (بين المناطق الحضرية والريفية، وبين المحافظات الغربية والساحلية،  وبين المقاطعات الأفضل حالا والأسوأ حالا في المحافظة ذاتها وبين المجموعات المختلفة في المجتمع، مع كون النساء والمسنين والأطفال وذوي الإعاقة والأقليات الإثنية من أكثر المجموعات المعرضة للمخاطر) موجودا حتى بعد عام 2020.

وبالرغم من النمو السريع في دخول المزارعين وفقا للنشرة الإحصائية المعنية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2018، لا يزال معدل الدخل في المناطق الحضرية أعلى بثلاث مرات تقريبا مما هو عليه في المناطق الريفية. وبالاستناد إلى المكتب الوطني للإحصاءات، لا يزال معدل الدخل في المناطق الشرقية من الصين أعلى بمرتين تقريبا مما هو عليه في المناطق الغربية ويعتبر معدل الدخل في "المقاطعات التي تصنف "فقيرة على المستوى الوطني" أقل بحوالي 30 في المائة من معدل الدخل الوطني في المناطق الريفية. وتشير البيانات التي ترد في المشروع المعني بتعزيز دخل الأسر الصينية أن معدل دخل النساء أقل بحوالي 20 في المائة من دخل الرجال.

وعلى الرغم من تراجع معامل جيني في الصين (المعامل الذي يقيس انعدام المساواة في المجتمع) منذ عام 2010 وفقاً للبنك الدولي مما يوحي ببعض التحسينات في ما يتعلق بالمساواة في المجتمع إلا أن معدله لا يزال مرتفعا نسبيا (38.6) أي أعلى بقدر كبير مما كان عليه منذ 40 عاما مما يؤكد أن انعدام المساواة ما زال مشكلة رئيسية في الصين اليوم.

  1. 4. ضمان إنجازات الحد من الفقر مستدامة ماليا

شكلت جهود الحد من الفقر عبئاً هائلا على المالية العامة.

وتشير تقديرات وزارة المالية أن الحكومة قد أنفقت أكثر من 1 ترليون يوان (أي حوالي 150 مليار دولار أمريكي) على برامج الحد من الفقر على مدى السنوات الثلاثة الماضية في حين وصلت نسبة الإنفاق المالي العام على الحد من الفقر إلى 2.20 في المائة في عام 2018.

وتم تبرير هذا الجهد بالسعي إلى تحقيق الهدف الاجتماعي الأسمى، ولكنه جعل عملية الحد من الفقر تشكل عبئا بالغاً على الموارد العامة.

ويمثل جعل إنجازات الحد من الفقر مستدامة ماليا أي جعلها مستداماً دون الاعتماد بشكل كبير على ضخ الموارد العامة التحدي الرابع الذي ستواجهه الصين بعد عام 2020.

  1. 5. تنمية المناطق الريفية

تعتبر معالجة الفقر الريفي وتوفير الحد الأدنى من الدخل الضروري لجميع السكان الريفيين لتلبية الحد الأدنى من متطلبات العيش ضرورة أخلاقية للصين. وتقود عملية التصنيع وفرص العمل الناتجة عنها في قطاعي التجهيز والخدمات عملية الحد من الفقر في المناطق الحضرية من الصين، مما يؤدّي إلى هجرة واسعة من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية. وفي الوقت الحالي، يعيش اليوم أقل من نصف سكان الصين في المناطق الريفية، ومعظمهم من المسنين والنساء والأطفال والمرضى أو ذوي الإعاقة.

ويتمثل التحدي المقبل للصين في تنمية المناطق الريفية أكثر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي لجعلها تجذب السكان للعيش فيها. ويجب أن يمثل هذا الأمر الهدف سيسعى المجتمع الصيني لتحقيقه بدءاً من عام 2020 ولعقود القادمة.