المرأة الريفية: مفتاح إعادة البناء بشكل أفضل في عالم ما بعد جائحة كوفيد

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

المرأة الريفية: مفتاح إعادة البناء بشكل أفضل في عالم ما بعد جائحة كوفيد

المقدر للقراءة دقيقة 6

في أوقات الأزمات، تكون المرأة الريفية هي المفتاح الذي يحقق تماسك الأسر والمجتمعات الريفية - وفي أوقات كهذه، تكون بحاجة إلى دعمنا أكثر من أي وقت مضى.

وكان لجائحة كوفيد-19 أثراً عميقاً على النساء الريفيات، على غرار عدد لا يحصى من الناس حول العالم. فقد تأثرت أنشطتهن الزراعية بدرجة أكبر مما شهدته أنشطة الرجال - وهو أمر مثير للقلق بشكل خاص، نظراً لأنهن كنّ منذ البداية في وضع غير مؤات من حيث الحصول على الموارد الإنتاجية. ومع ذلك، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها المرأة الريفية، فإنها تُبرهن على قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمة - ويتضح مدى العمل الحاسم الذي تقوم به لمنع الجوع في المناطق الأكثر تضرراً.

وتواجه المرأة الريفية أيضاً العديد من التحديات المماثلة لتلك التي تواجهها النساء الأخريات في جميع أنحاء العالم أثناء هذه الجائحة. وبشكل عام، فإن احتمال أن يكون الشخص قد فقد وظيفته أكثر بين النساء منه بين الرجال، بالنظر إلى أن المرأة ممثلة تمثيلاً زائداً في أنواع العمالة غير الرسمية وغير الآمنة. ومع ذلك، قد تشكل تدابير الإغلاق، التي من المفترض أن تحافظ على السكان في مأمن من الأمراض، خطورة على النساء المعرضات لخطر العنف المنزلي. وفي الوقت نفسه، تتجلى هيمنة الرجال على عمليات صنع القرار في المناقشات والقرارات بشأن أوجه الاستجابة لجائحة كوفيد-19 حول العالم، مما أدى إلى فشل العديد من البلدان في حماية النساء من أسوء آثارالجائحة. ومع قضاء أفراد الأسر وقتاً أطول في المنازل، أصبحت المرأة تشهد زيادة في أعباء العمل غير مدفوعة الأجر - بما في ذلك توليها الجانب الأكبر من رعاية المرضى من أفراد الأسرة.

وخلال السنوات الخمس والعشرين منذ إعلان ومنهاج عمل بيجين، أحرزنا تقدماً هائلاً في مجال تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين. واليوم، أصبحت المرأة تتمتع بفرص أكبر لأن تشغل مناصب قيادية، وتحصل على عمل لائق وعلى الرعاية الصحية والتعليم.

ومع ذلك، تهدد الجائحة الحالية بعكس مسار المكاسب العديدة التي تحققت. وفي هذه الأوقات التي تسودها الأزمات وعدم الاستقرار، من الضروري ألا نسمح بتراجع التقدم المحرز. فلا بد أن تكون المرأة، ولا سيما المرأة الريفية، في قلب الجهود المبذولة لتحقيق هدف التنمية المستدامة الخامس: "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات."

حماية التقدم وتسريع وتيرته من خلال وضع المرأة الريفية في مركز الصدارة

دائماً ما شكلت المرأة الريفية بالنسبة لصندوق عنصراً محورياً في كل ما نقوم به. فنحن نعلم أنه لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة دون تمكين النساء والفتيات اللائي يعشن في المناطق الريفية والبالغ عددهن 1.7 مليار نسمة. وقد شهدنا بأنفسنا أن تمكين المرأة الريفية يحقق أكثر من مجرد إفادة النساء أنفسهن - فهو يفيد أيضاً أسرهن ومجتمعاتهن.

ومن أهم مجالات تركيزنا تقليل أعباء العمل غير مدفوع الأجر الواقع على كاهل المرأة. ونحقق ذلك بطرق مختلفة، بما في ذلك بناء خزانات المياه ونظم الغاز الحيوي لتيسير جمع المياه والطاقة؛ وإنشاء طرق فرعية ريفية لتيسير النقل؛ وتوفير مرافق لرعاية الأطفال مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات المحددة للمرأة الريفية.

ومن بين الأولويات الأخرى تحويل توزيع المهام المنزلية. ونحقق ذلك من خلال العمل على مستوى الأسرة من خلال ما نسميه المنهجيات الأسرية فالمنهجيات الأسرية هي نهج فريد يشرك أولاً جميع أفراد الأسرة في تشكيل رؤية مشتركة للمستقبل، ثم يوجههم عبر عملية تحديد دور كل فرد - والمهام التي سيتولى الاضطلاع بها - لتحقيق هذه الرؤية. وتؤدي هذه الطريقة في كثير من الأحيان إلى تغيير الأعراف التمييزية المتعلقة بنوع الجنس، وغالباً ما تفتح فرصاً أمام النساء للحصول على العمل وليصبحن أكثر نشاطاً في التجارة المحلية، وبالتالي لزيادة دخلهن أيضاً.

ونحن نعمل كذلك على منع العنف القائم على نوع الجنس. وهنا أيضاً تقدم المنهجيات الأسرية دعماً كبيراً، لأنها تعزز بشكل مباشر التغيير السلوكي على مستوى الأسرة. وتشمل استراتيجياتنا الأخرى في هذا الصدد تعزيز تمثيل المرأة في منظمات المنتجين وهيئات صنع القرار المجتمعية. وبالإضافة إلى تمكين النساء أنفسهن، تسهم هذه المشاركة المتزايدة أيضاً في تحقيق تغيير اجتماعي على مستوى المجتمعات المحلية، بما في ذلك الحد من العنف القائم على نوع الجنس.

العالم يحتاج إلى المرأة الريفية - وإسهاماتها - أكثر من أي وقت مضى

على الرغم من أن المرأة الريفية تواجه تحديات كبيرة، فقد رأينا أن هناك حلولاً. وقد رأينا أن المرأة الريفية تستطيع إعالة نفسها ومجتمعاتها والمساعدة في بناء اقتصادات ريفية مزدهرة - إذا ما أتيحت لها الفرصة للقيام بذلك.

والآن، إذ تهدد جائحة كوفيد-19 بعكس مسار التقدم المحرز، نحتاج إلى مضاعفة جهودنا لدعمها. ونحن ندرك في الصندوق أن المرأة الريفية عنصر محوري في أعمال الاستجابة لكوفيد-19 التي نقوم بها. فنحن نعلم أن الاستثمار في أنشطتها لن يحميها من أسوأ الآثار الاجتماعية والاقتصادية للجائحة فحسب، بل سيضمن أيضاً استمرار أسرها ومجتمعاتها في إنتاج الأغذية المغذية وبيعها والحصول عليها.  

وعلى سبيل المثال لا الحصر، كنا نعمل مع تعاونية نسائية في وسط نيجيريا، لمساعدة عضواتها على إعادة تنظيم أعمالهن التجارية وتكييفها مع القيود المحلية المتعلقة بجائحة كوفيد-19. فتمكنت هؤلاء النساء من الحفاظ على تجارة تجهيز الأرز الخاصة بهن مفتوحة، وتلبية الطلب المتزايد على منتجاتهن من خلال دمج تدابير السلامة مثل ارتداء الكمامات، وتقسيم أنشطة العمل وأوقات الورديات لاستيعاب ضوابط التباعد، واستخدام التكنولوجيات الجديدة. وقد أدى ذلك إلى مساعدتهن على الحفاظ على سبل عيشهن وإطعام السكان المحليين وحماية الوظائف المحلية.

ونرى اليوم في جميع أنحاء العالم أن المرأة الريفية المستقلة والممكّنة هي المفتاح لبناء مستقبل أكثر صموداً واستدامة. وفي حين يواجه العالم تحديات غير مسبوقة في العقود الأخيرة، تحتاج المرأة الريفية إلى دعمنا أكثر من أي وقت مضى. ونحن بحاجة لها.