المزارعون على نطاق صغير يمكنهم المساعدة في بناء نُظم غذائية قادرة على الصمود في عالم ما بعد كوفيد-19

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

المزارعون على نطاق صغير يمكنهم المساعدة في بناء نُظم غذائية قادرة على الصمود في عالم ما بعد كوفيد-19

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/Susan Beccio

كان أكثر من 820 مليون شخص يعانون من الجوع قبل ظهور جائحة كوفيد-19. وسينضم إليهم عشرات الملايين إذا لم نتخذ الإجراءات السليمة وبسرعة. ويواجه المنتجون على نطاق صغير بصفة خاصة محنة قاسية تمس قدرتهم على الصمود، ولا بد للمجتمع المدني أن ينهض لمساعدتهم من أجل تجنيب العالم أزمة غذائية.

ويقوم هؤلاء النساء والرجال بدور حيوي في إطعام سكان الريف والمناطق الحضرية على حد سواء في كثير من أنحاء العالم. من ذلك على سبيل المثال أن النُظم الغذائية التي تهيمن عليها المزارع صغيرة النطاق تنتج أكثر من 70 في المائة من السعرات الحرارية التي تولدها الأغذية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب وشرق آسيا. وتسهم الزراعة الصغيرة النطاق أيضاً بدور رئيسي في الحفاظ على التنوع التغذوي.

وبات المزارعون على نطاق صغير بالفعل على شفير المعاناة من الجوع (وهي مفارقة غريبة نوعاً ما في ظل إسهام هؤلاء المزارعين في إنتاج الغذاء). ولا يحصل كثير من المزارعين الأسوأ حالاً على ما يكفي من المدخلات والأصول على الرغم من أنهم ينتجون غذاءهم، ولذلك يعيشون على نظام غذائي محدود لا يكاد يفي باحتياجات أسرهم. وبالنسبة لمن ينتجون فوائض بانتظام، تحد المعلومات السيئة وضعف القدرة التفاوضية في كثير من الأحيان من الأرباح التي يستطيعون جنيها - مما يقلص دخلهم ويزيد صعوبة تنويع نُظمهم الغذائية وتحسينها. ونتيجة لذلك فإن هؤلاء المزارعين وغيرهم من السكان الريفيين معرضون بصفة خاصة للصدمات، بما فيها آثار الجائحة المتفشية حالياً.

ولكن بوسعهم أن يكونوا أيضاً جزءاً من الحل.

ومن ناحية، يعيش هؤلاء المزارعون بالفعل حيثما تشتد حاجتنا إليهم في المناطق الريفية من البلدان النامية حيث يوجد معظم أفقر سكان العالم وأكثرهم معاناة من الجوع. وهكذا فإن صغار المنتجين هم أهم مصدر للغذاء في السياقات التي تشتد فيها الحاجة. وهم يخدمون في معظم الأحيان الأسواق المحلية، وهو ما يكسبهم أهمية خاصة في الأوقات التي تتعرض فيها التجارة للخطر. وتعني مشاركتهم عن كثب في الأسواق على المستوى المحلي بصفة خاصة أنهم قادرون على مواصلة الإمداد بالأغذية في الحالات التي أدت فيها أزمة جائحة كوفيد-19 إلى مشاكل معقدة في اللوجستيات والنقل. وبالإضافة إلى ذلك يمكن لاستخدام العمالة الأسرية أن يمكنهم أيضاً من التغلب على النقص المحتمل في العمالة المطلوبة لجني المحاصيل ونقل الغذاء إلى السوق وغير ذلك من الأعمال المرتبطة بالمزرعة.

وهناك عدة عوامل تعرض قدرة صغار المنتجين على الصمود - والنُظم الغذائية عموماً - للخطر. ويمكن توقف نُظم النقل والتوزيع بسبب تدابير المكافحة، مثل عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على التفاعل الاجتماعي. ومن المرجح أن يؤدي نقص توافر العمالة الزراعية بسبب القيود المفروضة على الهجرة والتنقل، إلى تهديدات وشيكة في المناطق التي اقتربت فيها المواسم الزراعية - مثل منطقة القرن الأفريقي، وأمريكا الوسطى والبحر الكاريبي، وأفريقيا الغربية، وأنحاء من آسيا. وفي الوقت نفسه، يتعرض الأمن الغذائي الوطني لمزيد من المخاطر بسبب القيود على التجارة والتصديرالتي يمكن أن تتسبب في أضرار كبيرة للبلدان المستوردة للأغذية.

وللتغلب على هذه التحديات والحفاظ على أداء النُظم الغذائية، من الحيوي التأكد من أن المزارعين لا يزالون قادرين على الحصول على المدخلات التي يحتاجون إليها. وفي كمبوديا، على سبيل المثال، يركز الصندوق على البذور، ودعم الأسمدة والري من أجل المنتجات الرئيسية في النُظم الغذائية المحلية - خاصة الخضروات الورقية الخضراء وبيض الدجاج. وبمجرد أن ينتج المزارعون، من المهم بنفس القدر أن يكونوا قادرين على نقل منتجاتهم إلى الأسواق لبيعها. وفي السلفادور، نقوم بتسريع خطط الاستثمار لتمكين منظمات المزارعين من توريد الخضروات والفاكهة ومنتجات الألبان إلى الأسواق المحلية.

وتشكل معالجة مسائل السيولة المالية أثناء الإغلاق أولوية أخرى. وفي الهند، يستكشف العديد من مشروعات الصندوق استخدام أجهزة الصرف الآلي الصغيرة لتمكين أعضاء جماعات العون الذاتي النسائية من إيداع النقود أو سحبها. وهذا النموذج له جاذبيته الكبيرة في حالات الإغلاق.

وفي الأزمات، يضطر المزارعون في كثير من الأحيان إلى اللجوء إلى استراتيجيات التصدي السلبية، مثل بيع الأصول، مما يؤدي إلى تآكل إنتاجيتهم في المستقبل. ونحتاج إلى نُهج موجهة من أجل الحفاظ على قدرتهم على الصمود ومساعدتهم على تجنب الوقوع مرة أخرى في براثن الفقر. ويتمثل أحد الحلول في توفير التحويلات النقدية التي أثبتت بالفعل أنها أداة فعالة. وفي تونس، يدعم الصندوق برنامجاً حكومياً للتحويلات النقدية استجابة لجائحة كوفيد-19. وستخفف التحويلات من الحاجة إلى بيع الأصول لتلبية الاحتياجات الأساسية ومساعدة الأسر على الاستعداد للموسم الزراعي المقبل.

ولكن بالنظر إلى نطاق الجائحة - وما تحتاجه المناطق الريفية - قطع الصندوق شوطاً أبعد من ذلك بإطلاقه مرفق تحفيز فقراء الريف المخصص لتمكيننا من القيام بالمزيد لمعالجة التحديات العاجلة للمزارعين على نطاق صغير. ويمثل ذلك نهجاً قصير الأجل لضمان الصمود على الأجل الطويل. وبادر الصندوق بإطلاق هذا المرفق بميزانية قدرها 40 مليون دولار أمريكي، ونتوقع تعبئة ما لا يقل عن 200 مليون دولار أمريكي من الدول الأعضاء والمانحين الآخرين لتوسيع نطاق الدعم.

ومع استمرار جائحة كوفيد-19 في إلحاق أضرار بالصحة العالمية واقتصادات العالم، من الحاسم أن نمنع الجائحة من إغراق ملايين الأشخاص في الجوع. ويمكن للمزارعين على نطاق صغير مساعدتنا في ذلك - إذا عملنا معهم واستثمرنا في أنشطتهم. ويسهم المزارعون القادرون على الصمود بدور رئيسي في النظام الغذائي القادر على الصمود. ويقوم هؤلاء المزارعون بدور لا غنى عنه من أجل عالم أكثر إشراقاً في مرحلة ما بعد كوفيد-19.