تحديات إجراء تقييمات الأثر للمشروعات التنموية التي يوجهها المجتمع المحلي

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

تحديات إجراء تقييمات الأثر للمشروعات التنموية التي يوجهها المجتمع المحلي

المقدر للقراءة دقيقة 6

تنظر تقييمات الأثر في الأثر المحتمل لتدخل مشروع ما على السكان والمجتمعات المحلية المشاركة فيه عبر المقارنة مع سكان من غير المشاركين في المشروع يتسمون بخصائص اجتماعية واقتصادية مشابهة. لكن عندما يغطي المشروع طائفة واسعة من الأنشطة، كما هو الحال في أغلب الأحيان بالنسبة للمشروعات التنموية التي يوجهها المجتمع المحلي، كيف يمكن تحديد السكان والمجتمعات التي ينبغي المقارنة معها؟

يتمتع الصندوق بتاريخ طويل على صعيد تنفيذ المشروعات التنموية التي يوجهها المجتمع المحلي. ويعتبر النهج المتبع في تنفيذ هذه المشروعات أحد الاستراتيجيات الرئيسية التي يروج لها الصندوق في إقليم أمريكا اللاتينية والكاريبي. وقد أثبتت طبيعة هذا النهج الذي يدفعه الطلب فعاليتها كأداة لتمكين السكان الريفيين وضمان إشراك المهمشين منهم في المناطق النائية في تنمية مجتمعاتهم المحلية. غير أنه على الرغم من بعض الفوائد الثابتة التي يعود بهذا هذا النهج على المشاركين في المشروع، وعلى صعيد تحقيق الأهداف التنموية، فإنه يطرح أيضاً بعض التحديات المخصوصة على صعيد تصميم تقييمات الأثر.

وتتضمن الدورة القادمة لتقييم الأثر مشروعين تنمويين يوجههما المجتمع المحلي في إقليم أمريكا اللاتينية والكاريبي، وهما: برنامج الإدماج الاقتصادي للأسر والمجتمعات الريفية في أراضي دولة بوليفيا المتعددة القوميات في إطاربرنامج التأقلم لصالح زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة ومشروع تعزيز التنمية المحلية في مناطق المرتفعات والغابات المطيرة عالية الارتفاع في بيرو. وفي سياق إعداد تقييمات الأثر، توجه فريق باحثين من شعبة البحوث وتقييم الأثر في الصندوق إلى بوليفيا وبيرو في بعثة لتحديد النطاق بهدف تعزيز معارفهم حول المشروعين من خلال لقاءات مع الفريق القطري، وموظفي المشروع والمشاركين فيه. وبالاستناد إلى النتائج التي خرجت بها البعثة، سيتم الشروع بإعداد خطط تقييم الأثر وتضمينها كافة التفاصيل المتعلقة باستراتيجية إجراء تقييمات الأثر وخطواتها.

ويستهدف المشروعان المذكوران سكان المناطق النائية التي تتسم بارتفاع معدلات الفقر، ومحدودية الوصول إلى الأسواق والخدمات، وتدهور الموارد الطبيعية أو تعرضها للتهديد. ويزوّد برنامج الإدماج الاقتصادي للأسر والمجتمعات الريفية في أراضي دولة بوليفيا المتعددة القوميات المجموعات المجتمعية، ومنظمات المستوى الثاني، وغيرها من المجموعات ذات الأولوية، بما في ذلك الشابات والشبان، بالموارد المالية اللازمة للاستثمار في نظم مستدامة اقتصادياً لإدارة الموارد الطبيعية والمشروعات الزراعية وغير الزراعية الصغيرة. وتتلقى المجموعات المجتمعية المساعدة في إعدادها للمشروعات ومقترحات الأعمال التي تخضع بعد ذلك للتقييم بغرض الحصول على منحة. وتشكّل المساهمة النقدية أو العينية لأعضاء المجتمع المحلي حوالي 20 إلى 30 في المائة من المبلغ الإجمالي. أما مشروع تعزيز التنمية المحلية في مناطق المرتفعات والغابات المطيرة عالية الارتفاع، فيركّز على صغار المنتجين ويشجعهم على تكوين الروابط التي تؤهلهم للحصول على المنح. ويسهم المنتجون بنسبة 20 في المائة من إجمالي المبلغ، ويتم استخدام الأموال في تحسين الأصول اللازمة للإنتاج، وتقديم المساعدة التقنية، والحصول على المدخلات. علاوة على ذلك، تتلقى النساء التثقيف المالي، بالإضافة إلى فرص الحصول على حسابات للادخار والتأمين على الحياة.

ونظراً لطبيعة المشروعات التي يدفعها الطلب، يختار أعضاء المجتمع المحلي بأنفسهم الأنشطة التي يرغبون بمزاولتها. بالنتيجة، تغطي المشروعات طائفة واسعة من الأنشطة تشمل حفظ التربة، والغطاء النباتي، والري، وتحسينات مواقد الطهي، علاوة على إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات وتحويلها، من قبيل المنسوجات، والخنازير الغينية، والسلمون المرقط، والخنازير، والبن في بيرو؛ والفواكه عالية القيمة، والأزهار، ومنتجات الألبان، والمصنوعات الحرفية، والمنسوجات في بوليفيا.

وفي حين تعود هذه الأنشطة المتنوعة بالفائدة على المجتمعات المحلية عموماً، إلا أنها تزيد من صعوبة تقييم أثر المشروعات، ولا سيما حين يتعلق الأمر بتحديد مجموعة ملائمة للمقارنة. ولكي يثبت تقييم للأثر أن أحد المشاريع أدى إلى نواتج معينة، عليه بالضرورة أن يقارن بين المشاركين في المشروع وأشخاص في أوضاع مماثلة من غير المستفيدين من أنشطته. وفي الحالات التي يؤدي فيها المشروع إلى جملة من الأنشطة، يغدو تحديد مجموعة مقارنة مهمة عويصة.

وللتصدي لهذه الإشكالية، يحتاج الباحثون للوصول إلى فهم عميق للطريقة التي تم بها تنفيذ المشروع وطبيعة الأوجه المشتركة والافتراضات التي ارتكز عليها. من هذا المنطلق، تتضمن بعثة تحديد النطاق لقاءات مع وحدة إدارة المشروع، وفريق المشروع، لمناقشة مرحلتي التصميم والتنفيذ، بما في ذلك التغييرات التي تم إدخالها خلال مرحلة التنفيذ، بالإضافة إلى تحديد الأسئلة الجوهرية قيد البحث، وإعادة تقييم نظرية التغيير. علاوة على ذلك، يقوم الفريق التابع لشعبة البحوث وتقييم الأثر بزيارة مواقع المشروعات لمعاينة الواقع في الميدان بصورة أفضل.

ونتيجة لبعثة تحديد النطاق، قرر الفريق التابع لشعبة البحوث وتقييم الأثر في إطار دراسته لمشروع تعزيز التنمية المحلية في مناطق المرتفعات والغابات المطيرة عالية الارتفاع في بيرو عدم تقييم كافة جوانب التدخل. عوضاً عن ذلك، سيركّز على مكون خطط الأعمال الذي يُتوقع منه أن يخلف الأثر الأكبر. وستقتصر الدراسة على المناطق الجغرافية التي تكون فيها المنتجات الخمسة الأولى التي يختارها المستفيدون أكثر شيوعاً. ويمكن إتمام ذلك بالاستعانة بمصادر البيانات الثانوية، من قبيل التعداد الزراعي.

وفي بوليفيا، وفّرت بعثة تحديد النطاق لشعبة البحوث وتقييم الأثر فرصة العمل عن كثب مع فريق المشروع باستخدام بيانات الرصد والتقييم بهدف رسم صورة واضحة للتوزع الجغرافي والمواضيعي لتدخلات المشروع. وتم بعدئذ اتخاذ القرار القاضي بتركيز تقييم الأثر على تركيبات محددة من الأنشطة الأكثر انتشاراً بين المستفيدين. بالإضافة إلى ذلك، ستتم الاستعانة بالبيانات الأرضية الفضائية في تحديد مجموعة مقارنة ملائمة من خلال معاينة المجتمعات المحلية القريبة جغرافياً، وغير المستفيدة من المشروع، والتي تجمعها بالمجموعة المستفيدة خصائص فيزيائية حيوية مشتركة. ويكمن الهدف من ذلك في ضمان امتلاك المجموعتين لنفس الإمكانات الإنتاجية، والموارد الطبيعية المتوفرة، وهو أمر أساسي في حالة المشروعات التنموية التي يوجهها المجتمع المحلي والتي تنطوي على جملة واسعة من الأنشطة والمنتجات.