تحقيق أقصى قدر من الأثر في إقليم أمريكا اللاتينية والكاريبي من خلال التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وإدارة المعرفة

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

تحقيق أقصى قدر من الأثر في إقليم أمريكا اللاتينية والكاريبي من خلال التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وإدارة المعرفة

المقدر للقراءة دقيقة 8
© IFAD / Panos Pictures / Xavier Cervera

على الرغم من أن سكان الجنوب العالمي - وهو مصطلح جماعي يشمل جزءاً كبيراً من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية - قد يعيشون عوالم متباعدة عن بعضهم البعض، إلا أن المفاجئ هو أنهم غالباً ما يواجهون مجموعة متشابهة من التحديات. لذلك ولدت فكرة التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي في عام 1978، كوسيلة لبناء التضامن فيما بينهم.

ففي إطار التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، يتعاون بَلَدان إثنان أو أكثر من البلدان النامية لتبادل الأفكار والمهارات وأفضل الممارسات، بهدف التدريس - والتعلّم من - بعضها البعض بطريقة تساعد جميع الأطراف المعنية على اكتساب استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات المحلية التي تواجهها.

ويمثل التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي فكرة تعاون يتجاوز نطاقها ما يمكن التعبير عنه في سرد بسيط للتدفقات التقنية والمالية. فهو لا يعني مجرد تبادل المعرفة الخام، بل الخبرات - وجميع الشكوك والتحديات والإنجازات التي تنطوي عليها. ويعمل التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من خلال جعل الناس يجتمعون ويفكرون معاً ويعملون معاً.

ولطالما أيدنا في الصندوق هذه المبادئ منذ زمن طويل، حتى أنه على مر السنين، أصبح التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي يمثل بشكل متزايد جزءاً لا يتجزأ من عمل الصندوق - جنباً إلى جنب مع رفيقه الدائم، وهو إدارة المعرفة، أي النطاق الواسع للأنشطة التي تهدف إلى نشر تنفيذ الدروس المستفادة من خلال التجربة، وتبادلها وتعزيزها. فتلك الفكرة التي بدأت على شكل بضعة أنشطة منعزلة تطورت لتصبح استراتيجية مؤسسية كاملة الملامح.

وإليكم بعض الأمثلة على ما قمنا به - وما نقوم به - في شعبة أمريكا اللاتينية والكاريبي في الصندوق، لتوضيح كيف يحقق التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي كل هذا.

أفكار جديدة لتحقيق أقصى استفادة من المناطق شبه القاحلة

مشروع التنمية الريفية في إقليم ميكستيكا ومنطقة مازاهوا في المكسيك ومشروع التنمية المستدامة في كاريري وسيريدو في البرازيل هما مشروعان يدعمهما الصندوق، الأول بتمويل مشترك من حكومة المكسيك والثاني بتمويل مشترك من ولاية بارايبا البرازيلية، ويركزان على تحسين حياة المزارعين الأسريين في المناطق شبه القاحلة في كل من البلدين.

وتضم تلك المناطق بعضاً من أكبر جيوب الفقر في العالم - وهي أيضاً من بين مناطق العالم الأكثر تضرراً من تغير المناخ. وبالتالي، تواجه المشروعات الإنمائية في تلك المناطق تحدياً محورياً متمثلاً في توفير الوصول إلى المياه من أجل تيسير الإنتاج الزراعي والحيواني.

ويركز مشروع التنمية المستدامة في كاريري وسيريدو على التغلب على الظروف شبه القاحلة القاسية باستخدام ما يسمى بنظام الحراجة الزراعية مطّردة التوجه، والذي يجمع بين الزراعة الاستراتيجية للأشجار الأصلية التي تطرح الفاكهة وخشب الحطابة مع المحاصيل الزراعية ومناطق الرعي للماشية بطريقة تحافظ على الموارد الطبيعية وتعزز الأمن الغذائي.

وبدا من الجيد لموظفي مشروع التنمية الريفية في إقليم ميكستيكا ومنطقة مازاهوا والمشاركين فيه، إذ سمعوا عن نجاح مشروع التنمية المستدامة في كاريري وسيريدو، زيارة ولاية بارايبا وتفقد كيف كان أقرانهم البرازيليون يديرون نفس أنواع المشاكل التي يعمل عليها موظفو المشروع في المناطق شبه القاحلة في المكسيك. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قام المشاركون والموظفون من مشروع التنمية الريفية في إقليم ميكستيكا ومنطقة مازاهوا بزيارة مؤسسات أبحاث الحراجة الزراعية ووحدات إنتاج العلف وبنوك البذور الأصلية ومحطات تخزين المياه في مختلف أرجاء ولاية بارايبا. وفي نهاية المهمة، خرجوا بالعديد من الأفكار الجديدة - وخططوا للبقاء على اتصال مع شركائهم البرازيليين لتقاسم تجاربهم معاً.

نقل الممارسات الجيدة في مجال إدارة الثروة الحيوانية

في سبتمبر/أيلول 2019، قام وفد من مشروع تنمية تعاونيات الإنتاج الحيواني في الإقليم الأوسط الشرقي في كوبا بزيارة أوروغواي. وكان هدفهم هو التعرف على نماذج إنتاج الحليب الناجحة في أوروغواي واستخلاص استنتاجات بشأن التقنيات الجديدة الممكنة والممارسات الجيدة لتقديمها في مقاطعة كاماغوي الكوبية حيث يتم تنفيذ مشروع تنمية تعاونيات الإنتاج الحيواني في الإقليم الأوسط الشرقي.

كان ذلك أسبوعاً مكثفاً للغاية، إذ كان حافلاً بالزيارات إلى المزارع ومصانع معالجة الحليب والتعاونيات والمراكز الجامعية - لكن استخلص منه الوفد الكوبي مجموعة متكاملة من الأفكار الجديدة. وبدأ المشاركون في المشروع، عقب عودتهم إلى كاماغوي، في إدخال هذه التغييرات على طريقة عمل تعاونيات الحليب الخاصة بهم، بدعم من موظفي المشروع.

وبعد شهرين فقط، تم بالفعل تشغيل عدد كبير من هذه الممارسات الجديدة، التي تم تكييفها مع الوضع المحلي في كوبا، تشغيلاً كاملاً. وعلى سبيل المثال لا الحصر: تمت إعادة تقسيم مناطق الرعي لصالح استهلاك الأعلاف ذات النوعية الجيدة واستعادة الغطاء النباتي؛ وتم توفير أحواض مياه متنقلة لإتاحة إمدادات مستمرة من المياه للماشية؛ كما تم إنشاء مركز جماعي جديد لتربية العجول من أجل تربية الأبقار الصغيرة والصحية لتحل محل الأبقار الأكبر سناً.

وتعد اليوم المزارع الأولى التي أدخلت هذه التغييرات بمثابة "وحدات مرجعية" يتعلم منها المزارعون الآخرون في المناطق التي تقع فيها، وعليه بدأوا في إجراء تغييرات مماثلة.

إدارة المعرفة والتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي: مفتاح التقدم

إن الخبرات الموصوفة أعلاه هي مجرد مثالين لأنشطة التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي التي يدعمها الصندوق في إقليم أمريكا اللاتينية والكاريبي. بل وأزيدكم أمثلة: على سبيل المثال، يقوم مشروع العودة إلى الجذور بتوثيق تجارب الشراكة بين المزارعين الأسريين والمشاريع في مجال فن الطهو مثل المطاعم ومحلات سوبر ماركت الذواقة. وفي الوقت نفسه، تعمل مبادرة “A common journey”"رحلة مشتركة" التي يمولها الصندوق وينفذها التحالف بين المنظمة الدولية للتنوع البيولوجي والمركز الدولي للزراعة الاستوائية، على تبادل الخبرات مع سياسات وأدوات الزراعة الذكية مناخياً بين كولومبيا والعديد من بلدان أمريكا الوسطى..

وتهدف كل هذه الأنشطة إلى مساعدة منظمات الزراعة على نطاق صغير على أن تصبح أكثر إنتاجية من خلال تبنّي المهارات والممارسات والتقنيات المكتسبة من خلال التعرض لتجارب الآخرين. كما أنها أساسية لإقامة شراكات جديدة يمكن أن تكون فعالة في التأثير على مناقشات السياسات الوطنية أو الإقليمية.

ولجعل هذا العمل أكثر شمولاً واتساقاً، افتتح الصندوق مكتباً في البرازيل في عام 2018 ليعمل كمركز إقليمي لتيسير أنشطة التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وإدارة المعرفة. كما تعمل شعبة أمريكا اللاتينية والكاريبي حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية تركز على التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وإدارة المعرفة، بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من التعاون عبر المناطق وتقاسم المعارف والخبرات المكتسبة عن طريق عمليات الصندوق، بغية جعل برامجها أكثر كفاءة.

وتدرك الاستراتيجية أهمية العمل مع قطاع واسع من الشركاء - أي وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمؤسسات المالية والقطاع الخاص ومراكز البحوث الإقليمية - لتنظيم التكنولوجيات والممارسات المبتكرة في مجال التنمية الزراعية والريفية وتبادلها. كما أنها تستخدم تشكيلة واسعة من الأدوات، من الاستراتيجيات القطرية (برامج الفرص الاستراتيجية القطرية) إلى المِنح الإقليمية، ومن منصات المعرفة العالمية إلى منصات المعرفة الإقليمية.

كل هذا التعاون وتبادل الخبرات يخدم مشروعنا الأكثر أهمية: تحقيق أهداف التنمية المستدامة لخطة عام 2030، لا سيما وعدها المتمثل في القضاء على الجوع والفقر المدقع وبناء مجتمع عالمي لا يترك أحداً خلف الرَّكْب. وهذا ليس بالتحدي السهل - كما أن تأثير جائحة كوفيد-19 على حياتنا يزيد الأمر صعوبة. لكن هذا لا يعني أننا سنستسلم؛ بل يعني أن علينا مضاعفة جهودنا لبناء مجتمعات قادرة على الصمود حول العالم. ويلعب المزارعون الأسريون دوراً حاسماً في مساعدتنا على تحقيق ذلك - ويمكن لأنشطة الصندوق في مجالي التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وإدارة المعرفة أن تساعدهم في إقامة الروابط التي يحتاجون إليها للقيام بذلك.