تمكين المرأة الريفية وحمايتها في زمن فيروس كورونا

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

تمكين المرأة الريفية وحمايتها في زمن فيروس كورونا

المقدر للقراءة دقيقة 7

تُطل شمس صبيحة شهر أبريل بأشعتها على سوق بلدة كونتاغورا النابضة بالحياة في وسط نيجيريا. وينبعث صوت هدير المولدات بينما تنزع آلات الطحن النخالة البنية عن حبوب الأرز كاشفة عن حباته البيضاء اللامعة. وما برح فيروس كوفيد-19 المستجد يشغل أذهان الجميع. ولكن العمل يدب في أرجاء تعاونية النساء المشتغلات في تجهيز الأرز في جنوب منطقة تودون وادا.

وهنا في سوق كونتاغورا، يواصل صغار المشتغلين في عمليات التجهيز دورهم في المساعدة على تلبية احتياجات نيجيريا من الغذاء.

وتترأس أسابي دانجوما الجمعية التعاونية المزدهرة. وبفضل برنامج تنمية سلاسل القيمة، وهو مشروع مشترك بين الصندوق وحكومة نيجيريا والقطاع الخاص، شهدت أسابي وتعاونيتها القوية التي تضم 75 عضواً تحولات غيرت وجه الحياة في المجتمع. لقد أنشأت النساء مشروعات مستدامة أسهمت في إيجاد فرص للعمل وساعدت على زيادة الدخل في المجتمع المحلي - كما تساهم في الأمن الغذائي للبلد.

ومثلما في سائر أنحاء العالم، فرضت التدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومات تحديات أمام النشاط التجاري في كونتاغورا. وعملت أسابي بسرعة مع النساء العضوات في التعاونية لوضع استراتيجية تتيح لهن مواصلة تجهيز الأرز وبيعه في ظل القيود المفروضة وتدابير السلامة المتخذة.

وتقول أسابي "نقسم أنفسنا إلى ثلاث مجموعات فرعية لتقليل عدد الأشخاص الموجودين في آن واحد داخل مركز التجهيز. ويخصص بعد ذلك لكل مجموعة يوم للعمل في تجهيز الأرز. ونستخدم أقنعة الوجه التي تُشكل في العادة جزءاً من مجموعة اللوازم الشخصية التي نستخدمها أثناء تجهيز الأرز."

تجهيز الأرز يتواصل أثناء أزمة كوفيد-19 حيث تقوم عضوات التعاونية بتنظيف الأرز وتعبئته في أكياس.


وتمكنت التعاونية من المواءمة بين هذه السوق المزدحمة والحاجة إلى حماية الصحة. "نستخدم أقنعة الوجه لأنها تُشكل في العادة جزءاً من اللوازم الشخصية التي نستخدمها عند تجهيز الأرز. ونراعي تلقائياً مسألة التباعد الاجتماعي لأننا نعتمد على تقسيم العمل. وتقوم بعض النساء بغسل الأرز وتتولى بعضهن غليه، وتقوم أخريات بتجفيفه أو طحنه أو تنقيته من الحصى أو تغليفه، كل في القسم الخاص بها."

ويبدأ العمل في الساعة السابعة صباحاً وتبقى النساء داخل مركز التجهيز المحاط بسياج أثناء ساعات تقييد الحركة. وتشرح أسابي الطريقة التي تعتمد عليها التعاونية في تعظيم كفاءتها: "يأتي الزبائن إلى مركز التجهيز ما بين الساعة الثامنة والتاسعة والنصف صباحاً لشراء الأرز. ونلتزم التزاماً صارماً بالمبادئ التوجيهية لمنع تفشي كوفيد-19، مثل غسل اليدين بانتظام واستخدام محاليل التطهير." وفي مدخل الطاحونة، يقوم الزبائن أيضاً بغسل أيديهم وتطهيرها. ولا تنقصنا المياه العذبة النظيفة بفضل بئر ارتوازية حفرها لنا برنامج تنمية سلاسل القيمة.

والواقع أن النساء أصبحن أكثر انشغالاً من أي وقت مضى بسبب تهافت الناس على تخزين الأغذية الأساسية وما ينشأ عن ذلك من زيادة في الطلب عليها. وأردفت أسابي قائلة إن "هذه الزيادة في الطلب تجعلنا نجني أموالاً أكثر."

التوسع من أجل الوفاء بالطلب

ينكب عمال البناء على مناشيرهم ومطارقهم وسط صخب وضجيج مزارعي الأرز الذين يقومون بتسليم الأرز إلى تعاونية النساء المشتغلات في تجهيز الأرز في جنوب تودون وادا. وبعد سنتين فقط من العمل يجري بالفعل توسيع الطاحونة.  

أسابي دانجوما (في الوسط) مع بعض عضوات التعاونية

وما كان لهذا التوسع أن يتحقق بدون تحسينات مطردة في التكنولوجيا.  لقد اعتادت النساء غلي الأرز في أحواض كبيرة ولم يكن بوسعهن تجهيز أكثر من حوالي طن واحد من الأرز يومياً. وكانت حبوب الأرز تتكسر ويتغيَّر لونها، بل وربما تحترق، وكان ذلك يخفض قيمتها في السوق ويجعل من الصعب منافسة الأرز المستورد الأعلى جودة. 

غير أن المشكلة التي واجهتها أسابي وغيرها من النساء المشتغلات في التجهيز هي الافتقار إلى الأرز عالي الجودة. وفي عام 2015، تعرف المزارعون المحليون من خلال برنامج الصندوق لتنمية سلاسل القيمة على فارو 44، وهو أحد أصناف الأرز طويل الحبة. ومع استخدام هذا النوع المحسَّن من البذور المعتمدة، وبفضل التدريب على استخدام ممارسات أفضل في الزراعة، ازدادت الغلات بمقدار ثلاثة أضعاف، وتحسنت جودة محصول الأرز.

وعلى الرغم من وفرة الأرز عالي الجودة المتاح، تفتقر النساء إلى التكنولوجيا الملائمة لتجهيز الأرز من أجل تلبية المعايير الدولية. وتغيَّر ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017 عندما حصلت التعاونية على معدات التجهيز الآلية من خلال برنامج الصندوق لتنمية سلاسل القيمة.

وشملت الآلات الجديدة مراجل ابتكارية "شكلية القاع" لمعالجة الأرز بالبخار بدلاً من غليه بالطريقة التقليدية. وأسفرت هذه الطريقة عن منتج أكثر جاذبية وأطول عمراً يحتفظ أيضاً بالفيتامينات والمعادن، وهو ما يُعزز بالتالي قيمته الغذائية.

وقدم المشروع تدريباً إلى أكثر من 000 4 امرأة على طرق استخدام تقنية القاع الشكلي الجديدة. ومع استخدام المراجل الجديدة، يمكن للنساء العمل بكفاءة أكبر وإنتاج ما يصل إلى 30 طناً يومياً من الأرز عالي الجودة الذي تتعطش إليه السوق في نيجيريا. وتستطيع التعاونية بالكاد الوفاء بالطلب - وبسعر أعلى كثيراً- بعد أن كانت تكسب ما يمكنها الحصول عليه من المنتج الرديء.

هجارا محمد، رئيسة جمعية دوكو يغبورولو متعددة الأغراض

تقول هجارا محمد، رئيسة جمعية دوكو يغبورولو التعاونية متعددة الأغراض في منطقة بيدا القريبة "نعمل في قطاع الأرز منذ أكثر من 20 عاماً بدون أن نجني عائداً كبيراً. ولكن في غضون سنتين فقط استطعنا بفضل برنامج الصندوق لتنمية سلاسل القيمة أن نتحول إلى أغنياء! ويأتي الناس إلينا حتى قبل أن ننتهي من عمليات التجهيز. ونقوم الآن بتوسيع عملنا وتوظيف الناس للعمل معنا والحصول على أجر لأننا نحتاج إلى مزيد من الأيدي العاملة كي نتمكَّن من تلبية طلب السوق."

وتعتز أسابي بما حققته تعاونية النساء - وبالمستقبل المستدام الذي يمكنهن التطلع إليه. وتقول إن "طموحنا يعانق عنان السماء. وسنستمر في النمو كي ننافس الشركات الكبرى الأخرى. ونحن هنا نساء فقط في هذه التعاونية، ونحن على قدر المسؤولية."

وتُشير أسابي إلى العاملات وتقول "نحن نبني هذه الطاحونة الجديدة بأموالنا التي كسبناها، من دون أي دعم مالي من المشروع. وبعد سنتين فقط، أصبح عملنا مستداماً بالفعل. وعندما سينتهي المشروع سنكون جاهزات للاعتماد على أنفسنا!"

اقرأ المزيد عن استجابة الصندوق لفيروس كورونا المستجد- كوفيد-19.

تعرَّف على المزيد عن عمل الصندوق في نيجيريا .