ثلاث طرق نستخدم من خلالها التكنولوجيات الرقمية من أجل محاربة الفقر الريفي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

ثلاث طرق نستخدم من خلالها التكنولوجيات الرقمية من أجل محاربة الفقر الريفي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا

المقدر للقراءة دقيقة 7
© Pixabay

على مدار العقود القليلة الماضية، أصبحت التكنولوجيات الرقمية رفيقة دربنا الدائمة. وبفضل الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة، بات اتصالنا ببعضنا البعض أقوى من أي وقت مضى. واكتسبت مثل هذه الأجهزة أهمية أكبر بعد تفشي جائحة كوفيد-19، وساعدتنا على البقاء على تواصل حتى خلال الفترات التي تطلبت الإبقاء على مسافة مادية.

وقد يفترض الكثيرون أن هذه الابتكارات ومزاياها حكر على البلدان الأكثر تقدما في العالم. في واقع الأمر، تنتشر مثل هذه التكنولوجيات الرقمية بسرعة في جميع أنحاء الدول النامية - بما يشمل بعض أشد الدول هشاشة – وقد أثبتت أنها أساسية في مكافحة الفقر والجوع. 

ولعدة سنوات، أدرجت المشروعات التي يدعمها الصندوق في عملها الرامي إلى دعم صغار المنتجين الريفيين في جميع أنحاء إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا مبادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية. وفي سياق جائحة كوفيد-19 المليء بالمصاعب، اكتسبت مثل هذه الجهود أهمية خاصة. وفيما يلي ثلاثة أمثلة على ذلك.

المغرب: مبادرة تسويق إلكتروني لمساعدة مربي الأغنام الريفيين

على بُعد 50 كيلومتر فقط عن أسواق مراكش الصاخبة، تعاني المناطق الريفية في ولاية الحوز من معدلات فقر تدعو إلى القلق. ويعتمد السكان هنا على الزراعة وتربية الماشية في كسب عيشهم، غير أن هذه الأنشطة غالبا ما لا تكون مجزية بما يكفي لضمان دخل لائق يمكن الاعتماد عليه.

وفي عام 2013، تم إطلاق مشروع بتمويل من الصندوق بهدف تحسين الظروف المعيشية في ولاية الحوز. ومن بين الابتكارات العديدة التي استحدثها المشروع، تم إنشاء منصة تسويق على شبكة الإنترنت للثروة الحيوانية تحمل اسم حولي حوز. وتساعد المنصة مربي الأغنام على بيع حيواناتهم ضمن المنطقة بسهولة أكبر – ولا سيما بمناسبة عيد الأضحى، حيث يتم تناول لحم الضأن كطبق رئيسي تقليدي.

وقد حققت المبادرة نتائج ملحوظة. ففي عام 2015، وخلال العام الأول من دخولها حيز التشغيل، تم عرض أكثر من 200 رأس من الأغنام عبر المنصة، مما أدى إلى تحقيق مبيعات بحوالي 65 000 دولار أمريكي. وعلى مدار العامين التاليين، تضاعف عدد الأغنام المباعة، وارتفعت المبيعات المحققة بمقدار خمسة أضعاف تقريبا.

واجتذبت هذه النتائج عددا متزايدا من المنتجين إلى المنصة: واليوم، تبيع أكثر من 25 رابطة لمربي الماشية من جميع أنحاء البلاد حيواناتها في حولي حوز. ومع ذلك، لا تزال المنصة مفيدة بشكل خاص لمربي الأغنام على نطاق صغير، والذين يعيشون في كثير من الأحيان في مناطق معزولة ويفتقرون إلى صلات تربطهم بالأسواق الكبيرة.

مصر: تحسين الوصول إلى الأسواق من خلال تطبيق جديد للتسوق

لا تختلف الأسباب الكامنة وراء ارتفاع معدلات الفقر الريفي في مصر عن تلك التي تؤثر على صغار المزارعين الريفيين في المغرب. وعلى وجه التحديد، قد يكون الوصول المادي إلى الأسواق محفوفا بالمصاعب بالنسبة للمجتمعات الزراعية النائية، والتي غالبا ما تفتقر إلى الأموال، والأصول، والبنية التحتية لمواصلة تواجدها في تلك الأسواق - ولكن ذلك بالضبط يمثل الحيز الذي يمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تسد الفجوة فيه.

وقام مشروع تعزيز الدخول الريفية من خلال تحسين الأسواق الذي يموله الصندوق، والجاري تنفيذه في مصر منذ عام 2011، بتطوير منصة خاصة به للتسويق الإلكتروني تحمل اسم 'شاري'. وسيتمكن صغار المزارعين المصريين من استخدام المنصة وتطبيق الهاتف المحمول المرتبط بها من أجل تسويق منتجاتهم عبر الإنترنت، وربطهم بأسواق الجملة والمستهلكين النهائيين. وسيتم إطلاق التطبيق في ديسمبر/كانون الأول 2020، ومن المتوقع أن يتراوح عدد مستخدميه بين 10 000 و20 000 مستخدم.

وعلى الرغم من أن منصة شاري موجهة لصغار المنتجين، إلا أن المستهلكين النهائيين سيستفيدون من استخدامها أيضا. ويسمح التطبيق بإجراء مقارنات بين المنتجات المختارة، مما يساعد المستهلكين في العثور على أكثر الأسعار ملاءمة. كما أنه يتعلم من سلوك المستخدم، ويعرض الاقتراحات بناء على المعاملات السابقة وسجل البحث.

كذلك تساعد منصة شاري كل من المزارعين والمشترين في العثور على الأطراف المناظرة الأكثر موثوقية لدى إجراء العملية. وعند إتمام الصفقة، يقوم كل طرف بتقييم الطرف الآخر على مقياس يتدرج من واحد إلى خمسة. ويتم حساب متوسط هذه التقييمات لتكوين "درجة موثوقية" للمستخدم، وذلك بشكل مشابه تماما لأنظمة التقييم المستخدمة في تطبيقات التسوق الشائعة الأخرى. وستعرض نتائج البحث بشكل تلقائي أعلى البائعين تصنيفا أولا، مما يشجع على إجراء المعاملات بحسن نية.

وقد أثبتت حلقة المبيعات عبر الإنترنت لصغار المنتجين أنها فعالة ومربحة. كما سمحت لهم بمواصلة البيع على الرغم من تفشي جائحة كوفيد-19، إذ أنها يسرت المبيعات على الرغم من الأحداث التي كان يمكن أن تترك آثارا مدمرة مثل إغلاق الأسواق. وفي بعض الحالات، أدت الجائحة إلى ظهور أدوات رقمية جديدة تم تطويرها حصريا للتعامل مع آثار الجائحة.

الأردن: إيصال المنح في الوقت المحدد عبر تطبيقات المحفظة الإلكترونية

من جملة الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية الحادة التي شهدتها البلاد مؤخرا، أثرت تدابير الحجر العام في الأردن على تنفيذ مشروع النمو الاقتصادي والتوظيف الريفيالذي يموله الصندوق، ويقدم المشروع المنح لصغار المزارعين بهدف الاستثمار في أنشطتهم الزراعية. وغالبا ما تشكل المساعدة الإنمائية الدولية الأمر الوحيد الذي يحول دون انزلاق هذه المجتمعات الهشة نحو الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي. وفي مثل هذه السيناريوهات الحرجة - والتي تزيد جائحة كوفيد-19 من تفاقمها- أصبحت الحاجة إلى تقديم المساعدة أكثر إلحاحا.

ولمواصلة إيصال المنح في الوقت المناسب على الرغم من الحجر العام، بدأ المشروع في تحويل الأموال إلى المشاركين عبر تطبيقات المحفظة الإلكترونية. ولدى استخدام مثل هذه التطبيقات، يتم تحميل الأموال مباشرة في المحفظة الإلكترونية لكل مشارك، مما يلغي الحاجة إلى حساب مصرفي قياسي. وحتى في ظل ظروف غير طارئة، يمكن للمشاركين في المشروع الاستفادة من هذه الأنواع من المبادرات. وغالبا ما يواجه المشاركون صعوبات في فتح الحسابات المصرفية، حيث يكون لديهم في أغلب الأحيان مدخرات قليلة، وقد لا يتمكنون من الوصول بصورة موثوقة من المناطق النائية التي يعيشون فيها إلى فروع المصارف التقليدية.

وتم تجريب برنامج المحفظة الإلكترونية مع 51 مشاركا في المرة الأولى. ومنذ ذلك الحين، زاد عدد المستخدمين النشطين إلى 90 متلقيا للمنح عبر أربع محافظات، ويوصي جميعهم تقريبا باستخدام البرنامج. وفي سعيه لزيادة الوعي بفوائد تطبيقات المحفظة الإلكترونية والخدمات المالية الأخرى عبر الإنترنت، نظم مشروع النمو الاقتصادي والتوظيف الريفي دورات تدريبية على المهارات الرقمية بالشراكة مع الشركة الأردنية لأنظمة &الدفع والتقاص. وانعقدت الجلسة الأولى في سبتمبر/أيلول 2020.

والتزم الصندوق بتطوير الحلول الرقمية القائمة والناشئة ونشرها لصالح صغار المنتجين الريفيين لفترة طويلة قبل تفشي جائحة كوفيد-19. وتشكّل الجهود، مثل استثماراتنا في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية، جزءا من مهمتنا المتمثلة بمساعدة هؤلاء المنتجين على أن يصبحوا أكثر قدرة على الصمود، وربطهم بالفرص المحلية والإقليمية التي كانوا يواجهون مشقة في الوصول إليها سابقا.

تعرف على المزيد حول عمل الصندوق في مصر، والأردن والمغرب.