خدمة فقراء الريف في زمن التباعد الجسدي: البقاء في أمان، وصحة جيدة، وعلى اتصال

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

خدمة فقراء الريف في زمن التباعد الجسدي: البقاء في أمان، وصحة جيدة، وعلى اتصال

المقدر للقراءة دقيقة 5

© IFAD / Alfredo D'Amato / Panos

لقد مضت ثلاثة أسابيع منذ غيّر كوفيد-19 بشكل جذري الحياة اليومية لموظفي الصندوق الموجودين في مقره في روما، ومراكزه حول العالم. ويتفق العلماء والحكومات حول العالم على أن التباعد الجسدي هو إحدى الطرق التي يمكننا بواسطتها وقف انتشار الفيروس. غير أن تدابير التباعد الضرورية لاحتواء فاشية فيروس كورونا تبطئ المحرك الاقتصادي للعالم، وسوف يكون لهذا أثر هائل على الاقتصاد العالمي، مع تحمل البلدان الأكثر هشاشة والسكان الأشد ضعفاً أكبر الخسائر.

وفي عالم متباطئ ستتسارع وتيرة الفقر، وسيتبعه الجوع. وفي العالم العربي وحده، تتوقع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا بأنه كنتيجة مباشرة للفاشية، سيزداد عدد الفقراء بحوالي 8.3 مليون نسمة، وستُفقد ما لا يقل عن 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، وستصبح المياه أكثر ندرة – وقد يحصد الجوع من الأرواح نتيجة لذلك أكثر مما حصد الفيروس. 

في عالم يتباطأ، يزداد التزامنا.

تجتمع شعبة الشرق الأدنى، وشمال أفريقيا، وأوروبا  في الصندوق بكاملها بشكل أكثر انتظاماً، كل أسبوع، لمتابعة العمل الجاري ولدعم الجميع لبعضهم البعض في هذا الوقت الصعب، في أفضل ما تتجلى به روح الفريق. وتتيح لنا الاجتماعات الافتراضية العمل بشكل وثيق، حتى وإن كنا متباعدين جسدياً. وفقط بالعمل الوثيق معا يمكننا إيجاد سبيل لخدمة فقراء الريف في مثل هذا السياق غير المسبوق.

ومع الانتشار السريع للفيروس، علينا العمل بسرعة أكبر. ونحن نعمل بلا كلل ولا ملل لتعبئة مواردنا بطريقة أكثر سرعة وكفاءة من أجل دعم الحكومات والسكان الريفيين في كفاحهم ضد آثار الفاشية. ونشاهد زيادة مقلقة في الحالات في مصر، والمغرب، وتركيا. وننظر إلى البلدان المتأثرة بالصراع، مثل ليبيا، وسوريا، واليمن، التي تُبلغ جميعها عن عدد منخفض من حالات كوفيد-19، الأمر الذي يدعو للدهشة. وما نخشاه هو أن سبب تلك الإحصاءات التي تبدو جيدة في ظاهرها يعود إلى ضعف قدرة تلك البلدان على إجراء الاختبارات الخاصة بكوفيد-19 نظراً إلى أن أنظمتها الصحية ترزح بالفعل تحت ضغوط هائلة. ونحن نسعى للانخراط من جديد في هذه البلدان التي تجد نفسها اليوم مهددة من قبل وضع أمني متقلب ومزمن، وجائحة فيروس كورونا.

نحن في صراع مع الزمن لإيجاد طرق لتقديم الاستجابات الكافية لطلبات الحكومات ولمواصلة الحفاظ على سبل العيش في المناطق الريفية. ومن الواضح أن العمل كالمعتاد ليس خياراً: وعلينا أن نتحرك برشاقة ومرونة. وشعبة الشرق الأدنى، وشمال أفريقيا، وأوروبا  لا تدخر جهداً لضمان استمرار العمل، على الرغم من أن قدرتنا على العمل في الإقليم تأثرت بشدة بسبب الإغلاق والقيود الأخرى على التنقل. ففي مركزنا شبه الإقليمي في إسطنبول، على سبيل المثال، جميع موظفينا يعملون عن بعد – بعضهم من أوطانهم في أرمينيا، وفنلندا، وتركيا، والسويد. ومركز القاهرة يعمل الآن عن بعد، بعد التدابير الأمنية المشددة التي فرضتها الحكومة المصرية، بما في ذلك منع التجول الليلي وإغلاق الخدمات. وبالمثل، تم إغلاق المكتب القطري في المغرب مؤقتاً في ضوء الإغلاق.  

وعلى الرغم من جميع العقبات التي تضعها فاشية كوفيد-19 في طريقنا، سيواصل الصندوق عمله بلا هوادة، ويعدّل نموذج عمله لكي يتمكن من التعامل بشكل أفضل مع التحديات الجديدة. إن التدابير التي تجري مناقشتها - تقع ضمن نطاق تفويضات الصندوق ونطاق مشروعاته - تستلزم تعزيز الأنشطة الحالية أو توسيع نطاقها أو تكييفها، وتتراوح بين تسويق المنتجات الزراعية وتوريد المدخلات التي تقودها الحكومات لضمان إنتاج الغذاء، والحصول بشكل أفضل على التمويل الريفي، الارتقاء بالزراعة الرقمية من خلال التجارة الإلكترونية ومشاريع إعادة الهيكلة، إلخ ...

ونحن نبذل قصارى جهدنا لتجنب تعطيل العمل من خلال الانخراط في  حوارات على المستوى الوزاري والمتابعة المستمرة مع وحدات إدارة المشروعات، بما في ذلك الإشراف عن بعد على المشروعات في المناطق التي تسمح فيها الظروف المحلية بالقيام بالعمل الميداني من خلال الاستشاريين المحليين.وحتى الآن، أكدنا عدة بعثات عن بعد سيتم إجراؤها افتراضياً – وعدم القدرة على السفر أتاح لنا أيضاً فرصة للتركيز على الأنشطة غير الإقراضية، وتطوير بناء قدرات موظفي مشروعاتنا عن بعد.

يواجه العالم تحدياً غير مسبوق. وهناك حاجة ماسة اليوم لعملنا من قبل ملايين الأشخاص الضعفاء الذين من المرجح أن يحملوا العبء الأثقل للفاشية – والأزمة الاقتصادية – على أكتافهم. ولكن هذا التحدي كأي تحدٍ آخر يمكن التغلب عليه بتضافر جهودنا. والعمل معاً من أجل هدف مشترك هو سر قوتنا، وعلى الرغم من كل المصاعب التي تجلبها "الرتابة اليومية" الجديدة التي نعيشها، سنواصل خدمة فقراء الريف بالتزام كامل.  وسوف نقوم بكل شيء لكيلا نترك أحداً يتخلف عن الركب.