دعونا نُعطي الفرصة لصغار مُربي الماشية في العالم النامي

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

دعونا نُعطي الفرصة لصغار مُربي الماشية في العالم النامي

النقاش الدائر حول التكلفة البيئية للثروة الحيوانية نقاش مشروع ولكن ينبغي أن نضع نُصب أعيننا الاحتياجات في العالم النامي.

المقدر للقراءة دقيقة 5

ويُخفِّض كثير من الناس في البلدان المتقدمة النمو استهلاكهم من اللحوم لدواعٍ صحية أو لشواغل تتعلق برعاية الحيوان أو الرغبة في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

ولكن المسألة مختلفة في سائر أنحاء العالم. وهناك مجموعة من العوامل التي تشمل النمو السكاني والتوسع الحضري وارتفاع مستوى الدخل تدفع نحو ازدياد الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان والبيض. ويمكن الآن لطبقة متوسطة ناشئة في البلدان النامية أن تتحمل تكلفة استهلاك المنتجات الحيوانية بانتظام للمرة الأولى.

ومن المشروع إجراء نقاش - قائم على الأدلة - حول التكلفة البيئية للإنتاج الحيواني في أنحاء من العالم. ولكن ينبغي ألاّ نغض الطرف عن الاحتياجات الأساسية للآخرين الذين نشاطرهم هذا الكوكب وعن إمكانية استدامة إنتاج أصحاب الحيازات الصغيرة.

ولا يستهلك كثير من الأطفال والنساء والرجال في العالم النامي ما يكفيهم من البروتين. ويعتمد آخرون كثيرون على الإنتاج الحيواني لكسب عيشهم، مثل كثير من السكان الرعويين ومجتمعات الرعي. وتُمثِّل لهم تربية الحيوانات والعناية بها، وتجهيز منتجات الألبان أو بيعها، طريقاً للخروج من الجوع والفقر.

ويعاني اليوم 155 مليون طفل سوء التغذية المزمن، ويبتلي سوء التغذية الحاد 52 مليون طفل. ويحتاج ملايين الأطفال والنساء في البلدان النامية إلى تناول كميات أكبر من اللحوم الحيوانية، خاصة الأطفال الصغار الذين يحتاج نماؤهم الإدراكي والبدني إلى المغذيات الدقيقة الحاسمة، مثل الزنك والحديد.

والاقتصاد أيضاً حاسم في هذا الشأن، إذ تُشير التقديرات إلى أن مليار مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية يعتمدون على الإنتاج الحيواني للغذاء وكسب الدخل. وغالباً ما يولِّد إنتاجهم ما يصل إلى 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي. وتوفِّر الثروة الحيوانية الغذاء للأُسر وتُدر دخلاً إضافياً وتُشكِّل حائط صدْ يحميهم عند اندلاع الأزمات. وتوفِّر الحيوانات أيضاً السماد العضوي الذي تحتاج إليه المحاصيل، وقوى الجر اللازمة لحرث الأرض ونقل المنتجات والأُسر.

ومن المتوقع أن يزداد الطلب على المنتجات الحيوانية بأكثر من الضعف خلال السنوات العشرين المقبلة. ويتيح ذلك فرصة هائلة لتحقيق زيادة مجزية ومستدامة في الإنتاج الحيواني - لا سيما في أفريقيا - من جانب أصحاب الحيازات الصغيرة الذين لهم نصيب الأسد في إنتاج الحليب واللحوم والبيض في القارة. ويمكن لزيادة تطوير القطاع الحيواني أن يُعزِّز فرص العمل والنمو الاقتصادي في المناطق الريفية التي يعيش فيها ملايين الشباب حالياً عاطلين عن العمل.

ولا تنتج الزراعة التجارية على النطاق الصغير حالياً سوى نسبة ضئيلة من الغذاء المستهلك في معظم بلدات أفريقيا ومدنها. غير أن ذلك يشهد تغييراً سريعاً. ونحتاج إلى التأكد من أن تركز الإنتاج الحيواني في وحدات كبيرة لا يزيح معظم أصحاب الحيازات الصغيرة مثلما حدث في البلدان الصناعية خلال السنوات الخمسين الأخيرة.

 ولابد أن يصبح إنتاج أصحاب الحيازات الصغيرة أكثر إنتاجية وكفاءة واستدامة من أجل تلبية الطلب المتزايد من السوق وفي الوقت نفسه حماية البيئة. وسيتعيَّن على أصحاب الحيازات الصغيرة تلبية متطلبات الجودة والسلامة وموثوقية الإمدادات.

ويتمتع أصحاب الحيازات الصغيرة والرعويون بخبرة تقليدية كبيرة في العناية بحيواناتهم وفهم فوائد زراعة المحاصيل إلى جانب تربية الحيوانات. ونحن    لدينا أدوات وتكنولوجيات تكميلية وميسورة التكلفة يمكن أن تساعدهم على زيادة إنتاجيتهم (مثل اللقاحات ضد الأمراض الرئيسية) وتشجيع الأشكال المستدامة من إنتاج اللحوم والألبان (مثل نُظم الإنتاج الزراعي الرعوي). ويمكننا أيضاً  مساعدتهم ببساطة  في بناء حظائر للماعز أو الدجاج وإنتاج مزيد من الأعلاف في مزارعهم وحفظها للأوقات الصعبة، وتحسين عمليات الانتقاء لتحديد الحيوانات الأكثر إنتاجية حتى باستخدام السلالات المحلية.

وإلى جانب مساعدة مُربي الماشية على تحقيق إنتاجية أكبر والأخذ بممارسات أكثر استدامة فإننا نحتاج أيضاً إلى مساعدة أصحاب الحيازات الصغيرة إلى تطوير سلاسل قيمة وأسواق حديثة وتيسير وصولهم إليها. ويتطلب ذلك تحسين النقل، وتدفق المعلومات عن الأسواق، وموثوقية إمدادات القوى، وتقديم خدمات استشارية لتثقيف المزارعين. ونحتاج أيضاً إلى تيسير تنمية منظمات مزارعين قوية وتتوفر لها مقومات الاستدامة من أجل توفير الدعم الذي تحتاج إليه كي تصبح عناصر فاعلة مؤثرة في سلاسل القيمة.

وغيَّرت صناعة الإنتاج الحيواني في البلدان المتقدمة النمو صورتها وثبطت كثيراً من المستهلكين. ولكن يجب علينا الاعتراف بأن صغار المنتجين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يمكنهم تقديم حلول قيِّمة، والأهم من ذلك أن تكون حلولاً مستدامة، لتحديات إطعام الأعداد المتزايدة من السكان وانتشال الأُسر من الفقر. وهذا هو ما يجعلنا في حاجة ماسة إلى الاستثمار في صغار مُربي الماشية في البلدان النامية.

 

نُشر هذا المقال لأول مرة في:  news.trust.org