فرصة ثانية للشاي السريلانكي

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

فرصة ثانية للشاي السريلانكي

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/G.M.B.Akash

لقد نشأت وأنا أعلم أن الشاي السريلانكي كان حقا شيئا مميزا. وتنافس الناس مع بعضهم البعض في جميع أنحاء مسقط رأسي مصر لإحضار العبوات التي تحمل ختم العلامة التجارية "شاي سيلان" على جانبها إلى أوطانهم، وهم يعرفون أن هذا الرمز يبشر بمذاق ورائحة لا مثيل لهما. وبمجرد الحصول عليه، أصبح شيئا يجب الاستمتاع به ولا يُشرب إلا في المناسبات الخاصة، ولا يُقدم إلا لأهم الضيوف. وحتى يومنا هذا، ما زال أصدقائي وعائلتي يطلبون مني إحضار الشاي السريلانكي الرائع كلما سافرت.

وتميزت سري لانكا على مدار قرون بكونها أحد أهم منتجي الشاي في العالم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجودة. وفي عام 2013، صُنفت سري لانكا كأكبر مصدر للشاي في العالم، ورابع أكبر منتج للشاي بوجه عام، إذ بلغت إيرادات التصدير ما مجموعه 1.5 مليار دولار أمريكي. ولطالما كانت صناعة الشاي المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي في سري لانكا، إذ تمثل ما يصل إلى 70 في المائة من إجمالي دخل البلد من الصادرات، فضلا عن أساس الإيرادات الحكومية. وهي أيضا المصدر الرئيسي للعمالة في المناطق الريفية في سري لانكا.

ومع ذلك، تواجه صناعة الشاي في سري لانكا اليوم عدة تحديات: فقد ظلت مساحة الأرض المخصصة لزراعة الشاي دون تغيير إلى حد كبير، بل وتناقصت في بعض الأماكن. وانخفضت الإنتاجية إلى ما دون المستوى القياسي الدولي، ويُعزى ذلك جزئيا إلى هيمنة الأشجار القديمة (كلما تقادمت شجرة الشاي، كلما أصبحت أقل إنتاجية). ويتمثل الحل عادة في إزالة الأشجار القديمة وإعادة زراعة الأراضي بأشجار جديدة – إلا أن معدل إعادة الزراعة كان بطيئا للغاية ولا تزال تكاليف هذه العملية مرتفعة. وهناك أيضا نقص واضح في العمال الراغبين في العمل في هذه الصناعة، مما أدى إلى تفاقم هذه المشاكل. ونتيجة لذلك، انخفض إنتاج سري لانكا من الشاي وحصتها في صادرات الشاي العالمية انخفاضا كبيرا في الآونة الأخيرة.

وأصبحت هذه التحديات واضحة بالنسبة لي بمجرد أن بدأت السفر إلى سري لانكا بصفتي المدير القطري. وظلت نفس الجودة التي أتذكرها موجودة – ولكن كان من الواضح أن الإنتاج منخفض. واقترب مني مسؤول حكومي وشرح لي مصدر المشكلة. وقال إنهم حريصون على العودة إلى الأسواق الدولية – وخاصة سوق الشرق الأوسط المرغوب فيه – ولكنهم لم يتمكنوا من مضاهاة منافسيهم، الذين كانوا قادرين على إنتاج الشاي بسرعة أكبر وبتكلفة أقل. ولكي تعود صناعة الشاي السريلانكي إلى المنافسة مرة أخرى، يلزم زيادة إنتاجها والحفاظ على الجودة المميزة للشاي.

وفي عام 2017، أطلق الصندوق مشروع إعادة تنشيط زراعة الشاي والمطاط لأصحاب الحيازات الصغيرة، بالشراكة مع حكومة سري لانكا، لإعادة تنشيط صناعة الشاي في البلد. ويهدف هذا المشروع إلى إدخال تقنيات أسرع وأكثر فعالية بصورة كافية لإعادة زراعة أشجار الشاي على مساحة 500 4 هكتار من الأراضي. ومن الناحية المؤسسية، يجمع هذا المشروع جميع الجهات الفاعلة الرئيسية على مائدة واحدة، ويجمع بين المهارات الإدارية لهيئة تنمية زراعة الشاي لأصحاب حيازات الصغيرة التي تدعمها الحكومة، وابتكارات المعهد الوطني لبحوث الشاي، والتصميم والعمل الجاد لموظفي مشروع إعادة تنشيط زراعة الشاي والمطاط لأصحاب الحيازات الصغيرة في الميدان – ولصغار المزارعين أنفسهم.

ومع ذلك، قد يتمثل أحد أكبر العوامل المحددة في تقدم مشروع إعادة تنشيط زراعة الشاي والمطاط لأصحاب الحيازات الصغيرة في استخدام تقنية النظام العالمي لتحديد المواقع. وعلى سبيل المثال، نجد أن اعتماد الأراضي والإفراج عن الإعانات الضرورية للغاية لتمويل جهود التحديث يعتمد على قياسات سريعة ودقيقة لمساحة الأراضي المزروعة. وكانت هذه العملية تُجرى يدويا في السابق، وتضمنت الكثير من القوى العاملة وإعادة التحقق من القياسات غير الدقيقة. وبإدخال النظام العالمي لتحديد المواقع، أصبح الوقت اللازم لقياس هكتار واحد من نبات الشاي من ساعة إلى 15-20 دقيقة، وبعدد أقل من الأخطاء – مما أدى إلى تسريع عمليات اعتماد الأراضي وصرف الإعانات.

وتؤدي تقنية النظام العالمي لتحديد المواقع أيضا دورا في الحفاظ على جودة الشاي، وربما تحسينها. والبيانات التي يوفرها هذا النظام لا تُقدر بثمن بالنسبة لتحليل تغير المناخ، ونمذجة الفيضانات، وتحديد تآكل التربة، إلى جانب مكافحة الآفات والأمراض ورصد التقدم المحرز إجمالا في الزراعة. ويمكن لخبراء هذا المشروع إدارة عملية إعادة زراعة الشاي بشكل أكثر دقة، من خلال الاسترشاد ببيانات مثل هذه بالإضافة إلى قياساتهم الخاصة بمعلمات جودة التربة.

وساعدت هذه التقنيات مجتمعة على تقليل فترة إعادة زراعة أشجار الشاي من أكثر من 30 شهرا إلى أقل من 24 شهرا، وهو إطار زمني يتيح عودة الشاي السريلانكي إلى المنافسة مرة أخرى.

وعلى الرغم من ذلك، لا تزال عملية إعادة الزراعة تنطوي على فترات طويلة من الانقطاع عن العمل. وتاريخيا، كانت قدرة مزارعي الشاي على كسب الدخل مقيدة بشكل كبير خلال هذه الفترات. ولمواجهة هذه المشكلة، يقدم مشروع إعادة تنشيط زراعة الشاي والمطاط لأصحاب الحيازات الصغيرة فرصا إضافية لتوليد الدخل، مثل الزراعة البينية لأشجار الشاي والمحاصيل عالية القيمة مثل القرفة والفلفل الأسود والفانيلا وثمار زهرة الآلام. وينشئ المشروع أيضا مشاتل لأشجار الشاي ويشجع المشاركين في المشروع على تأجير معداتهم لحصاد الشاي بهدف توليد دخل إضافي. ومن خلال هذين النشاطين الأخيرين على وجه الخصوص، يجد 4 000 شاب سريلانكي تقريبا عملا مربحا.

وخطوة بخطوة، تحرز صناعة الشاي السريلانكي تقدما، بفضل التحسينات التي تم اختبارها والتحقق منها والتي يساعد المشروع مشروع إعادة تنشيط زراعة الشاي والمطاط لأصحاب الحيازات الصغيرة على إدخالها. وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، تسير سري لانكا في المسار الصحيح لاستعادة مكانتها كبلد رائد في إنتاج الشاي – وإعادة هذا الشاي عالي الجودة إلى متناول أيدي العملاء في جميع أنحاء العالم.

اعرف المزيد عن عمل الصندوق في سري لانكا.