لا يزال أكثر من 100 مليون شاب وشابة يعيشون في فقر مدقع

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

لا يزال أكثر من 100 مليون شاب وشابة يعيشون في فقر مدقع

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/Olivier Asselin

فيما يتوجه قادة التنمية في العالم لحضور الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تتصدر عناوين الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي حول العالم رسائل تتعلق بانعدام المساواة وتغيّر المناخ، وتؤججها في ذلك إلى حد كبير حركة الشباب العالمي.

وخلال السنوات الأخيرة، احتلت مشاغل الشباب ومنظورهم للعالم بصورة متزايدة مكان الصدارة في  الحوارات العالمية. وهذا بالفعل ما يجب أن يكون عليه الحال، إذ من شأن طاقة شباب العالم (الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً)، وأحلامهم، ومطالبهم أن تشكّل القوة الدافعة لإحداث نقلات هائلة على الأصعدة السياسية، والمجتمعية، والاقتصادية. وتسلّط بعض أهم التوجهات التي يتوقع لها أن تصيغ شكل عالمنا خلال القرن الحادي والعشرين – من قبيل الفرص والتحديات التي يفرضها النمو المتسارع لأعداد الشباب الأفارقة وما نشهده من تفجر الطبقة الوسطى في آسيا حالياً - الضوء على هذه الحقيقة البارزة.

ولكن ماذا عن الشباب الذين يصرفون بالمقابل كل طاقاتهم في الكدح من أجل سبل العيش عوضاً عن تجنيد الرأي العام العالمي؟ اليوم، وبمناسبة اليوم الدولي لاستئصال الفقر المدقع، من المهم أن نأخذ الآفاق المستقبلية لأفقر شباب العالم بعين الاعتبار.

بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، أطلق المختبر العالمي للبيانات مبادرة ريادية تهدف لإنشاء نموذج للفقر العالمي. وقد أعددنا، بالاستناد إلى بيانات المسوحات وتوقعات توزع الإنفاق على المستوى القطري، طريقة تسمح بتطبيق منحنيات التركيز ونماذج الانحدار للحصول على معدلات نمو الإنفاق حسب العمر. وبالاستناد إلى معدلات النمو المذكورة والتوجهات الديمغرافية القطرية، يمكننا حساب الأرقام المرتبطة بالفقر على المستوى القطري حسب العمر. وتوفّر البيانات المذكورة لمحات ثاقبة جديدة لمشهد الفقر الذي يواجهه الشباب حول العالم.

وضمن فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، والبالغ عددهم 1.2 مليار شاب وشابة في العالم، يعيش حوالي 9 في المائة منهم، أي 104 ملايين شخص، على أقل من 1.90 دولار أمريكي يومياً (وفقاً لمكافئ القوة الشرائية بالدولار الأمريكي لعام 2011). ويعادل هذا الرقم تعداد سكان ألمانيا وأستراليا مجتمعتين. ويشكّل هؤلاء الشباب حوالي خمس العدد الإجمالي لأفقر سكان العالم، ورغم التوقعات بتقلص عددهم المطلق بنحو 20 مليون شخص بحلول عام 2030، إلا أن نسبتهم على صعيد الفقر المدقع العالمي ستبقى على حالها. ويعود هذا الطابع "الهيكلي" لفقر الشباب في جزء منه إلى ندرة الفرص المتاحة نسبياً لتسخير إنتاجيتهم، واتصالهم، وإحساسهم بالقدرة على الفعل. ومن الجدير بالملاحظة أن حوالي  500 مليون شاب وشابة يعيشون في مناطق ريفية غير مستغلة نسبياً وتندر فيها فرص العمل.

ويمثّل الشباب الأفارقة الذي يعيشون في فقر مدقع، والبالغ عددهم 80 مليون شخص، أكثر من ثلاثة أرباع الرقم الإجمالي العالمي (الشكل 1). وتعتبر التوقعات التي تشير إلى تراجع أعدادهم بحلول عام 2030 أخباراً سارة بالنسبة لأفريقيا، إلا أن الانخفاض المذكور سيكون طفيفاً إذ سيبلغ العدد الإجمالي للشباب الفقراء 73 مليون شخص. وبفضل التحسّن في الظروف الاقتصادية، من المتوقع لمجموعة من البلدان الأفريقية أن تحد بصورة كبيرة من أعداد الشباب الفقراء بحلول عام 2030. وستكون في مقدمة هذه البلدان إثيوبيا (انخفاض في أعداد الشباب الفقراء يعادل 4 ملايين شخص)، وموزامبيق (مليوني شخص)، وكينيا (مليون شخص)، وأوغندا (900000 شخص). إلا أنه في حالات أخرى – نيجيريا، وبوروندي، والسودان، وزامبيا- سيكون كل بلد منها موطناً لما يزيد عن نصف مليون شخص من الشباب الفقراء. وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة لسكانها من الشباب، فإن الفرصة سانحة لبلدان جنوب الصحراء لجني العوائد الديمغرافية الممكنة، وبالتالي تعزيز نموها الاقتصادي. ولاقتناص هذه الفرصة، لا بد للاستثمارات الفعّالة من إيلاء الأولوية للشباب الريفيين – ولا سيما الشابات منهم- على اعتبار أن غالبية الشباب يعيشون في المناطق الريفية.

على صعيد يتجاوز الفرص والنتائج المترتبة على تضخم أعداد الشباب في أفريقيا، تتنوع الآفاق المستقبلية في الأقاليم الأخرى بصورة كبيرة. وبحلول عام 2030، ستشهد أعداد الشباب الذين يعيشون في فقر مدقع في آسيا تراجعاً حاداً من 14 مليون شخص إلى 5 ملايين شخص. وسيصل نصيب الهند إلى حوالي نصف هذا التراجع في أعداد الشباب الفقراء، فيما ستنخفض أعداد هذه الفئة بحوالي 800000 شخص في كل إندونيسيا، والفلبين، وبنغلاديش. وعلى الرغم من اختلاف السياقات الاقتصادية والسياسية في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن التوجهات المتعلقة بالشباب فيها متماثلة. ويضم كل إقليم حالة ناشزة – فنزويلا واليمن، على التوالي- تفسر سبب استمرار معاناة 4 ملايين شاب وشابة من الفقر المدقع في كل من الإقليمين المذكورين.

ترسم البيانات المذكورة أعلاه صورة قاتمة لما ستؤول إليه الأوضاع على الأرجح في حال استمرت التوجهات الحالية. وفي إطار سعيها لتغيير هذه التوجهات، تعمل بعض البلدان على  تهيئة الفرص لسكانها من الشباب الريفيين بهدف تحقيق التوازن الأمثل بين التدخلات العامة الموجّهة لكافة السكان والاستثمارات التي تستهدف الشباب بشكل مخصوص.

وباستشراف أفق عام 2030، ستؤثر حقيقتان اقتصاديتان متباينتان في صياغة الآفاق المستقبلية لأفقر شباب العالم، وهما: معدلات التحضر المتزايدة  باطراد من ناحية، والإرث المتجذر من الفقر الريفي في العديد من البلدان من ناحية أخرى. ويعتبر تحويل هذا المشهد المتغيّر إلى أفق أوسع يسمح بإطلاق العنان للإمكانيات الاقتصادية للشباب بمثابة المشكلة التي تواجه قادة التنمية، وفي الوقت نفسه، المكافأة التي سيحظون بها في حال تحقيق النجاح. وبالفعل، وبتبقي 10 سنوات من الزمن فقط ليتمكن صانعو السياسات من تحقيق الغايات الخاصة بأهداف التنمية المستدامة،  يمكن لكل ثانية من الوقت أن تحدث فرقاً.

تم نشر هذه المدونة الإلكترونية أصلاً على brookings.edu