هل يمكن إنقاذ مياه نيروبي بفضل الأفوكادو؟

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

هل يمكن إنقاذ مياه نيروبي بفضل الأفوكادو؟

المقدر للقراءة دقيقة 8

صندوق الاستثمار الزراعي في المراحل الأولية المدعوم من مرفق البيئة العالمية هو الأوّل من نوعه في أفريقيا

Esther Wandia تحوّلت إلى زراعة الأفوكادو.

قررت هذه الأم لأربعة أطفال منذ سنتين إنشاء مشتل للأشجار في مزرعتها في ماكومبوكي، في منطقة من التلال معروفة بإنتاج الشاي في شمال نيروبي..

وبدأت ببيع خنازيرها ووضع مجمّع للمياه عمقه مترين قرب قنّ الدجاج. وباستخدام مياه الأمطار المجمّعة، بدأت بزراعة غرسات الأفوكادو من صنف "هاس" وتطعيمها لبيعها للمزارعين المجاورين.

وأدّى هذا النشاط الذي بدأ كنشاط جانبي إلى زيادة عائداتها السنوية بأربعة أضعاف فعليًا – فأصبح ربع الفدّان الذي خصصته Wandia لزراعة الأفوكادو يدرّ لها أموالًا أكثر من الفدّان الواحد الذي تزرع فيه الشاي.

وقالت لمجموعة من ممثلي الحكومة والمجتمع المدني من شرق أفريقيا، خلال  زيارة قاموا بها مؤخّرًا لمزرعتها للاطلاع على التحويل الذي خاضته، أنه "لا مجال للمقارنة. يدرّ مشتل الأشجار مداخيل أكثر بكثير".

ويتّسم ما تزرعه Wandia وجيرانها على أراضيهم بالأهمية – لأن المياه التي تنساب على السفوح ذات الانحدار الشديد تؤدي إلى منبع مياه العاصمة الكينية، حيث تفتقر نسبة 60 في المائة من السكان إلى إمكانيات موثوقة للحصول على المياه.

وقد تسفر المحاصيل المزروعة على منحدرات التلال والتي تؤدي إلى تآكل التربة عن زيادة كمية الغرين في نهر التانا وغيرها من التيارات التي تغذّي السدود الثلاثة من صنع الإنسان والتي تُضخّ مياهها إلى نيروبي. وتُفاقم النباتات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، على غرار أشجار الأوكاليبتوس الشائعة في المنطقة، الضغوط الممارسة على مستجمع المياه حيث يشكّل الجفاف هاجسًا متناميًا للمزارعين وسكّان المدن على حد سواء.

و لهذا السبب، يعمل  صندوق مياه تانا العليا- نيروبي، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص بدعم من  مرفق البيئة العالمية وبإدارة  منظمة حفظ الطبيعة، منذ عام 2015، على مساعدة الآلاف من المزارعين في منطقة مستجمع تانا العليا على جمع المياه وحفظ التربة وإدخال محاصيل عالية القيمة وأكثر استدامة مثل أفوكادو "هاس" والمانغو المطعّم والبرتقال والفراولة وبندق الماكاديميا.

وبالإضافة إلى النهوض بالمداخيل المحلية وتحسين جودة المياه وتوافرها في نيروبي، يساعد هذا الانتقال من مزرعة إلى أخرى على تحقيق منافع بيئية عالمية بما فيها تحسين حماية التربة وزيادة حبس الكربون، والحد من الضغوط على الغابات والتنوّع البيولوجي الذي يعتمد عليه المزارعون.

ويستخدم صندوق المياه تمويلًا من أصحاب مصلحة "عند المصبّ" أو في المراحل النهائية من السلسلة - بما في ذلك شركتين للمشروبات وهما كوكا كولا وشركة مصانع الجعة في شرق أفريقيا المحدودة – بغرض تمويل الاستثمارات "عند المنبع"، أو في المراحل الأولية، لحفظ المياه والزراعة المستدامة. وكانت هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في أفريقيا وتم تكرارها في بلدان أخرى بما فيها جنوب أفريقيا والسنغال وأثيوبيا، فضلًا عن مدينتين أخرتين في كينيا.

ويشمل مستثمرون آخرون في الصندوق شركة المياه والصرف الصحي في مدينة نيروبي؛ & وشركة توليد الطاقة الكينية (KenGen)؛ وحكومة كينيا وحكومات ولايات مورانغا ونياري ونيانداروا ولايكيبيا؛ وهيئة موارد المياه (WRA)؛ و & هيئة تنمية نهري تانا وآثي (TARDA)، وشركة Pentair المتّحدة؛ وشركة Frigoken Kenya المحدودة؛ والمركز الدولي للزراعة الاستوائية؛ والصندوق الدولي للتنمية الزراعية؛ ومرفق البيئة العالمية.

ويشكّل هذا المشروع أحد المشاريع الأفريقية البالغ عددها 12 مشروعًا والمشمولة في  برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود المموّل من مرفق البيئة العالمية والذي يشرف عليه  الصندوق الدولي للتنمية الزراعية. (IFAD).

وقال السيد Anthony Kariuki ، مدير صندوق المياه في منظمة حفظ الطبيعة، أن الهدف الرئيسي من هذا الأخير يكمن في ضمان إمدادات وفيرة من المياه العالية الجودة لمدينة نيروبي، والحد من كمية المياه التي يتعيّن على الأسر والفنادق وغيرها من الأعمال التجارية في المدينة البالغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة شراؤها ونقلها باستخدام الصفائح. كما قال أن النهج المتكامل للمشروع الرامي إلى معالجة الضغوط البيئية والمتعلّقة بالمياه والأراضي ينطوي على فوائد متعددة بالنسبة إلى مستجمعات المياه والمراحل النهائية على حد سواء.

ويتمتّع المزارعون مثل Esther Wandia ، قرب نهر التانا، بمداخيل أعلى بالفعل نتيجة توزيع أحواض لجمع المياه وبذور وغرسات من قبل صندوق المياه عبر شركائه المحليين. وتطال الأرباح الشباب أيضًا عبر إتاحة فرص للتدريب الداخلي والعمل للمتخرّجين الجدد، إلى جانب تنظيم سباق ماراثون سنوي مدعوم من صندوق المياه يضمّ 65 مدرسة مجاورة لمنطقة مستجمع المياه يشارك تلامذتها في سباق تتابعي على أقسام مسافتها 5 كيلومترات. كما ساعد صندوق المياه على إقامة نوادٍ لحفظ البيئة في المدارس المشاركة بما يشمل أنشطة منها غرس الأشجار.

وفي نيروبي، من المتوقّع أن تشمل منافع المشروع، بحلول عام 2025، زيادة توافر المياه في المدينة مع تدفّق ما يصل إلى 27 مليون ليتر إضافي يوميًا، وزيادة احتياطي المياه في المراحل الأولية. ومن المرتقب أن توفّر شركة توليد الطاقة الكينية مبلغ 000 600 دولار أمريكي سنويًا، من خلال تفادي إيقاف تشغيل مرافق الطاقة المائية قرب العاصمة بسبب  تسرّب كميات أقل من الغرين إلى السدود، فضلًا عن زيادة إمدادات المياه & ومن المتوقّع أن توفّر شركة المياه والصرف الصحي أيضًا مبلغ 000 250 دولار أمريكي سنويًا من خلال الحد من التخلل وتكاليف التخلّص من الحمأة متى أصبحت المياه في المراحل الأولية أنظف. ومن المتوقّع أن يدرّ كل دولار يستثمره صندوق المياه دولارين من العائدات.

وقال Kariuki "إن معالجة المشكلة عند المنبع أقلّ كلفة من معالجتها في المراحل التالية" مشددًا أيضًا على أن الخطوات الصغيرة قد تتراكم لإحداث آثار إيجابية كبيرة للمزارعين والأعمال التجارية والمجتمعات المحلية وللنظام الإيكولوجي الأوسع نطاقًا. وأضاف: "هكذا تُبنى القدرة على الصمود، من الجزء إلى الكل".

وأشار السيد Yawo Jonky Tenou، مدير برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود للصندوق الذي يضم 12 بلدًا، أن المشروع الكيني يشكّل مثالًا جيّدًا على كيفية استثمار موارد القطاع الخاص في المناطق الريفية بما يعود بالفائدة على كل من استدامة الأعمال التجارية والحد من الفقر والأمن الغذائي والاستعداد لتغيّر المناخ وما إلى ذلك.

وقال: "لقد ساهم صندوق المياه تانا العليا- نيروبي بالفعل في توطيد الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تحسّن قدرة المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة على الصمود".

وتشعر السيدة Esther Wandia بتفاؤل كبير حيال مستقبلها بحيث تقوم حاليًا ببناء منزل جديد ذي مساحة أكبر وعزل أفضل على أرضية منزلها الأصغر حجمًا الذي ترعرعت فيها بناتها الثلاث وابنها بالتبني.

وهي توظّف الآن شابين يساعدانها على تطعيم أشجار الأفوكادو – ويطعّم كل واحد منهما من 500 إلى 700 شجرة في اليوم – إلى جانب ثلاثة موظفين إضافيين خلال مواسم الذروة. ولقد امتد حماسها أيضًا إلى خمسة مزارعين يعيشون بالقرب من الطريق الترابي المؤدي إليها، فحذوا حذوها بوضع صفائح لجمع المياه في حين أطلقت ثلاث مزارع مجاورة أيضًا مشاتل للأفوكادو نظرًا إلى نجاح مشتلها.

وقالت السيدة Françoise Clottes، مديرة الاستراتيجية والعمليات في مرفق البيئة العالمية، خلال زيارتها لمزرعة Wandia، أن التداعيات الجانبية على مستوى مستجمع المياه برهنت أهمية معالجة التحديات البيئية بشكل متكامل ومتناسب مع الظروف المحلية.

وقالت: "من الملهم أن نرى مزارعة مثل Esther تقود عجلة التغيير الذي يحسّن الازدهار المحلي وتنشره بموازاة القيام بتحسينات يحتاج إليها العالم حاجةً ماسة في مجالات استخدام الأراضي وحبس الكربون واستدامة موارد المياه. هذا هو جمال النهج المتكامل للمناظر الطبيعية – فهو مصممٌ فعلًا على قياس الاحتياجات المحلية ويحقق كذلك الأمر منافع بيئية عالمية.

 

للاطلاع على المزيد من المعلومات حول عمل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في كينيا..

نُشر هذا المقال أوّلًا على موقع مرفق البيئة العالمية..