"ثورة هادئة" في البرازيل من أجل النساء الريفيات جعلتنا نرى ما لم نكن نراه

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

"ثورة هادئة" في البرازيل من أجل النساء الريفيات جعلتنا نرى ما لم نكن نراه

المقدر للقراءة دقيقة 6

© Manuela Cavadas

الناس في شمال شرق البرازيل، مثلما في كثير من سائر أنحاء العالم، لا يشعرون في كثير من الأحيان بما تقوم به المرأة الريفية. إن إسهامها في أسرتها من خلال الأعمال المنزلية وتربية الأطفال، وكذلك عملها في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى، يسهم بدور هائل لا يفطن إليه أحد في كثير من الأحيان. ولكن لحسن الحظ بدأ ذلك يتخذ منحى مغايراً. فقد بدأت تهب نسائم ثورة - أطلقت عليها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ثورة هادئة"- يُشارك فيها الصندوق. وتتجسد ملامح هذه الثورة في سجل بسيط.

"إن عمل المرأة الريفية لا يحظى في العادة بالاعتراف. وعندما تتحدث المرأة عن نفسها فإنها تقول في العادة ’أنا اعتمد على زوجي ولا أعمل‘،" هكذا قالت مارسيجاني دوراتي دي ألميديا إحدى عضوات جمعية كارايباس في ولاية باهيا. وتتابع قائلة "ولكن السجل الزراعي الإيكولوجي جاء ليغيِّر ذلك. إنه يتيح لنا إدراك التأثير الذي نحققه".

ولا يمكن للسجل الزراعي الإيكولوجي كما يسمونه أن يكون أبسط من ذلك. إن كل صفحة من صفحاته تحتوي على أربعة أعمدة تسجل فيها المرأة مختلف المنتجات التي تكون قد باعتها أو تبرعت بها أو قايضتها أو استهلكتها، وتحسب قيمتها. وفي نهاية الأسبوع أو الشهر يمكن للمرأة أن تلمس (وتثبت) قيمة إسهامها في ميزانية الأسرة.

والمسألة ليست قيام المرأة بما لم تكن تفعله من قبل، بل إضفاء قيمة على ما دأبت على القيام به لسنوات.

المشاركات في المشروع يتوقفن لالتقاط صورة مع سجلاتهم - © البرنامج الدولي للبذور

وتتحدث ماريا ألفيس سانتانا من منطقة كاسيمبا نوفا في ولاية سيرجيبي عن هذه التجربة فتقول  "بات لدينا اليوم شعور بقيمة ما ننتجه ونستهلكه ونتبرع به ونقايضه ونبيعه. أقوم بتسجيل ما أنتجه من حليب وبقول وبيض وما نربيه من دجاج في الهواء الطلق، وما نصنعه من كعكات - والنتيجة مذهلة. أستطيع أن ألمس قيمة في كل ما نقوم به".

لقد بدأت مساهمة الصندوق في هذه "الثورة الهادئة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عندما علم ممثلون من البرنامج الدولي للبذور، وهو منظمة انبثقت عن شراكة بين الصندوق ومعهد البلدان الأمريكية للتعاون في ميدان الزراعة، لأول مرة عن الطريقة التي تحقق بها هذه الأداة مقومات التمكين لنساء الريف في الولايات الجنوبية من البرازيل. وكانت تلك هي نقطة البداية التي انطلق منها هؤلاء الممثلون في العمل مع خبراء شؤون التمايز بين الجنسين والإدماج الاجتماعي لاستحداث طريقة لإدخال تلك الأداة في المشروعات الممولة من الصندوق. وبعد حلقة دراسية في يوليو/تموز 2019 شاركت فيها 80 امرأة - سواءً من موظفي المشروعات أو من المستفيدين المحليين - في مدينة رسيف في ولاية بيرنامبوكو، بدأ استخدام السجلات الزراعية الإيكولوجية في المشروعات الممولة من الصندوق في البرازيل.

وهناك حالياً ما مجموعه 879 امرأة ريفية في ثماني ولايات لديهن تجارب مماثلة لتجربة مارسيجاني وماريا.

مجموعات من المشاركات يجتمعن بانتظام لتبادل خبراتهن. © البرنامج الدولي للبذور

وتشرح لنا فابيانا فيتيربو، منسقة البرنامج الدولي للبذور، أن المرأة "تسجل كل شيء ويمكن بالتالي قياس إسهاماتها الكبيرة في ميزانية الأسرة سواءً من خلال حدائق الخضروات أو المشغولات اليدوية أو الحياكة أو تربية الحيوانات الصغيرة أو الأغذية التي تنتجها في فناء المنزل، أو عن طريق الطهي، [أو] المطبخ. ومن خلال عرض هذه المعلومات، فإننا نسلط الضوء على وظيفة كانت تسمى من قبل ’المساعدة‘ أو ’العمل المنزلي‘ أو ’عمل المرأة‘ ونعرض الإسهامات النقدية وغير النقدية للمرأة في اقتصاد أسرتها".

ومن شأن إدراك قيمة ما تقدمه المرأة أن يمنحها قدراً أكبر من الاستقلالية وسلطة اتخاذ القرار بعدة طرق. ويعزز استخدام السجلات الزراعية الإيكولوجية في كثير من الأحيان الأواصر بين النساء ويؤدي بالتالي إلى تكوين هوية جماعية. وتعقد النساء اللواتي يستخدمن هذه الأداة اجتماعات منتظمة يتبادلن فيها تجاربهن ونجاحاتهن وتساؤلاتهن وتحدياتهن المتعلقة بالاحتفاظ بالسجلات. وتتبادل النساء أيضاً القصص عن حياتهن الشخصية ويجدن دعماً عاطفياً، بل ومالياً، في بعض الأحيان داخل هذه المجموعات.

مشاركات يجتمعن في مناقشة حول الدور النسائي في الزراعة الإيكولوجية. © البرنامج الدولي للبذور/مانويلا كافاداس

وينطوي استخدام السجلات أيضاً على آثار إيجابية أخرى. فبمجرد أن تصبح إسهامات النساء ملموسة في نهاية المطاف فإن كثيرات منهن يبدأن في ملاحظة تغييرات إيجابية في علاقاتهن مع أزواجهن وأقاربهن. وبعد استخدام السجلات لبعض الوقت، طرحت نساء كثيرات أيضاً مسألة الحاجة إلى إدراج أسرهن في المناقشات الجارية حول الدور النسائي في الزراعة الإيكولوجية. وقام الموظفون المشاركون في المشروع عن طيب خاطر بتيسير هذه المناقشات وبدأت النساء منذ ذلك الحين يشهدن تقسيماً أفضل وأكثر إنصافاً للعمل سواءً في الحقل أو في المنزل.

وتقول فابيانا: "لقد كشف لنا هذا العمل عن حقائق كانت تجهلها فرق المساعدة التقنية في تنفيذ خطط العمل التي يدعمها الصندوق وغيرها من أنشطة المشروعات، فهو يعزز الوعي بالتمايز بين الجنسين طوال الوقت، ويسلط الضوء على إسهامات المرأة". ولاحظت فابيانا وغيرها من موظفات المشروع أن هذا العمل يساعد أيضاً على تعميم الابتكارات، مثل استخدام النباتات الطبية في الأسرة. ولعل الأهم من ذلك هو أنه يُعلي صوت المرأة في عمليات صنع القرار داخل الجمعيات التعاونية ورابطات المنتجين التي تنتمي إليها ويؤدي بالتالي إلى تعزيز اقتصاد مجتمعها المحلي..

وما يهم في نهاية المطاف ليس كلمات الخبراء ولكن كلمات المشاركات وتجاربهن.

وتخبرنا جوفاني دا سيلفا باريتو من منطقة سيتيو دو ميو، وهي مستوطنة للفلاحين المعدمين في بلدية إتيوبا في ولاية باهيا، "نحن النساء لم نكن نعلم من قبل أن دخلنا يقترب من نصف الحد الأدنى للأجر ولكننا أصبحنا اليوم نرى ذلك. نحن النساء قادرات على فعل الكثير. ونستطيع أن نكون كما نحن".