IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

بينما تعالج الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف مشكلة التصحر، نعرض هنا ثلاث طرق يساعد بها الصندوق المزارعين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على بناء قدرتهم على الصمود في مواجهة تغير المناخ

المقدر للقراءة دقيقة 8

تواجه الأراضي الجافة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى – أي المناطق التي تزيد فيها كميات المياه المفقودة من خلال التبخر عن تلك التي تكسبها من خلال هطولات الأمطار - تدهورا واسع النطاق. وهناك عوامل كثيرة تتسبب في هذا، إلا أن من أهمها استخدام الممارسات الزراعية التي لا تتكيف مع الأراضي، مثل الرعي الجائر والزراعة المكثفة (استخدام الوسائل التي تعظم الإنتاجية والغلال غالبا بطريقة تُخل بتوازن الموارد الطبيعية).

ولسوء الحظ، فإن أية مكاسب تحققها هذه الممارسات لا تدوم طويلا. فعندما تتدهور الموارد الطبيعية، يقل إنتاج المزارع، ويعاني صغار المزارعين من أجل توفير الأغذية المغذية لأسرهم، ويواجهون خطر فقد سبل عيشهم بالكامل. وفي السنوات الأخيرة، بدأت أنماط هطولات الأمطار المتقلبة الناجمة عن تغير المناخ تجعل الأراضي أكثر جفافا، مما يسرّع عمليات التدهور.

ومنذ عام 2017، قاد الصندوق برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود، وهو مبادرة لتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وتحويل النظم الغذائية في 12 بلدا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. والبرنامج هو واحد من عدة برامج رائدة للنُهج المتكاملة يدعمها مرفق البيئة العالمية في جهد لمكافحة التدهور البيئي.

ونلقي هنا نظرة على المشروعات القطرية الثلاثة لبرنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود التي يدعمها الصندوق. وقد أدخل كل واحد منها طرقا مبتكرة لمساعدة المجتمعات المحلية على حماية أراضيها الجافة، والحفاظ على أمنها الغذائي، والاستعداد لتأثيرات تغير المناخ التي لم تحدث بعد.

اليوم، المرأة السوازية تحسن وضعها

إسواتيني: النساء يأخذن مقاعدهن حول المائدة 

الزراعة هي أساس اقتصاد إسواتيني – ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت ممارستها أكثر صعوبة. فالرعي الجائر، وإزالة الغابات، والممارسات الزراعية الأخرى غير السليمة تؤدي إلى تعرية التربة، مما يحرم السكان من فوائد الطبيعة، مثل المياه النظيفة والأراضي الخصبة.

ومع ن العديد من السوازيين لديهم أفكار جيدة حول كيفية معالجة هذه المشاكل، إلا أن بعضهم يكافح من أجل أن يُسمع صوته. ففي إسواتيني، تُبعد النساء بشكل عام عن صنع القرار. وحتى عندما ينتخبن لمراكز قيادية، غالبا ما يرفضن بسبب الأعراف الاجتماعية التي تفضل قيادة الرجال على النساء. (هذا على الرغم من الأبحاث التي تظهر أنه عندما تشارك النساء على قدم المساواة في الإدارة المجتمعية للموارد الطبيعية، يؤدي هذا إلى إصلاح الأراضي بشكل أفضل، وعكس عملية التصحر، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية.)

واليوم، يُحدث مشروع برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود في إسواتيني تغييرا إيجابيا. فهذه المبادرة الحائزة على جوائز تنشئ مناطق محمية لإعطاء الحياة البرية مجالا لكي تزدهر، وتُدخل أغذية متنوعة، وتستخدم الري الذي يعمل بالطاقة الشمسية في أراض كانت متدهورة في يوم من الأيام.

كما أنها تتحدى الأعراف الاجتماعية لضمان تمكن النساء من المشاركة بشكل كامل في جهود حفظ البيئة وبناء سبل العيش. وهي تعمل مع الإدارات المحلية للاعتراف بمشاركة النساء في الزراعة. والنساء يحسن من وضعهن. واليوم، تحتل ربع النساء في المؤسسات المجتمعية مراكز رئاسية. وتقوم النساء بزراعة حيازات تجريبية وإرشاد الآخرين – من الرجال والنساء على السواء – بشأن الإدارة المستدامة للأراضي.

في النيجر أيضا، أخذت الزراعة تصبح أكثر صعوبة في مناطق "سلة الخبز". وفي هذه الأراضي الجافة من منطقة الساحل، يرى المزارعون الأراضي التي كانت خصبة في وقت من الأوقات تنحسر بسبب التعرية، وإزالة الغابات، وانخفاض توافر المياه.

والآن، يساعد مشروع برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود في النيجر المزارع الأسرية على حفظ هذه البيئة الهشة. وهو يعزز الممارسات الجيدة التي تساعد صغار المزارعين على توفير المياه واستعادة الأراضي المتدهورة.

وحتى عام 2021، دُرّب حوالي 000 74 من مزارعي النيجر على الممارسات المستدامة لإدارة الأراضي. وتشمل بعضها العودة إلى الممارسات التقليدية، مثل زراعة الأشجار والشجيرات في حفر "الزاي"، وهي حفر مملوءة بالسماد الطبيعي لتهيئة التربة. وبهذه الطريقة، استعاد صغار المزارعين حوالي 000 30 هكتار من الأراضي المتدهورة، وشاركوا في التجديد الطبيعي المدعوم لمساحة 000 188 هكتار أخرى – وهي مساحة تعادل حجم مساحة موريشيوس.

وعندما تصبح الأراضي أكثر صحة، يصبح السكان كذلك أيضا. وقد أبلغ ثلثا المشاركين في المشروع عن انخفاضات كبيرة في سوء التغذية ضمن أسرهم، جزئيا بفضل الأساليب الجديدة لتحضير الطعام التي أفادهم بها المشروع.

مشتل لأشجار الأفوكادو إشمال نيروبي. أشجار الأفوكادو اختيار ممتاز لمكافحة تعرية التربة – وثمار الأفوكادو مربحة جدا بالنسبة للمزارعين المحليين. © Laura MacInnis (مرفق البيئة العالمية)

كينيا: مشاركة القطاع الخاص

جميع المياه التي يستخدمها سكان عاصمة كينيا، نيروبي، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، تأتي تقريبا من نهر تانا. وعبر السنين، تحولت مستجمعات مياه تانا من غابات إلى حقول يعتمد عليها آلاف صغار المزارعين. ولكن، في كثير من الأحيان، لا تكون أساليبهم مستدامة. وكنتيجة لذلك، ازدادت تعرية التربة، وأصبحت الأراضي أقل إنتاجية، وتراجعت كمية وجودة المياه، تاركة كميات أقل من المياه للشرب والاستخدام الصناعي في المناطق الواقعة أسفل المجرى.

ويجلب مشروع برنامج النظم الغذائية القادرة على الصمود في كينيا، الذي يقوده الصندوق وتنفذه منظمة حفظ الطبيعة، مستثمري القطاع الخاص من المناطق الواقعة أسفل المجرى، مثل شركة كوكا كولا، ومصانع جعة شرق أفريقيا، لتمويل صغار المزارعين في المناطق الواقعة أعلى المجرى في عملهم على استعادة الأراضي المتدهورة، وتجميع المياه، وتحسين التربة، وزراعة المحاصيل الأقل حاجة للمياه.

ومع تمويل يفوق 20 مليون دولار أمريكي، إلى جانب استثمارات مشتركة بقيمة 1.6 مليون دولار أمريكي من الشركاء في القطاع الخاص، مكّن المشروع صغار المزارعين في مستجمعات مياه تانا العليا من استعادة حوالي 000 73 هكتار من الأراضي. وقد قاموا معا بغرس 3.4 مليون شتلة، وأنشأوا حوالي 500 14 حوض لتجميع مياه الأمطار، تجمع حوالي 2 مليون متر مكعب من مياه الري كل سنة.

واليوم، أصبح المشروع منظمة غير حكومية مستقلة تعرف باسم صندوق نيروبي لمياه تانا العليا. وهذا دليل إيجابي على أن دعم القطاع الخاص يمكن تعبئته لدعم السكان الريفيين الأشد فقرا – وعندما يزدهر صغار المزارعين يزدهر الجميع.

الاستثمار في المستقبل

في هذا الوقت، تصدر الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف – الاجتماع الخامس عشر لهيئة الأمم المتحدة المكرسة لمكافحة التصحر – دعوة عالمية من أجل الإدارة المستدامة للأراضي، ولا سيما في الأراضي الجافة. ويمثل هذا إقرارا بأن تدهور الأراضي يؤدي إلى زيادة الفقر، والجوع، والتلوث، ومخاطر الكوارث الطبيعية، ويجعل المجتمعات المحلية أكثر تعرضا.

وكما تظهر هذه المشروعات، فإن النُهج المتكاملة للإدارة المستدامة للأراضي هي السبيل لتقدم سبل العيش والنظم الغذائية القادرة على الصمود – حتى في مواجهة تغير المناخ.

تعرف على المزيد عن دعم الصندوق للنظم الغذائية القادرة على الصمود.