من جوز الهند إلى زيت الشعر: الشراكة بين المنتجين وسلاسل القيمة

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

من جوز الهند إلى زيت الشعر: الشراكة بين المنتجين وسلاسل القيمة

المقدر للقراءة دقيقة 6

©IFAD

أصبح زيت جوز الهند سلعة رائجة بين المستهلكين الغربيين الذين يسعون وراء آخر الصيحات خلال السنوات القليلة الماضية. ويستخدمه المشاهير كدهان للشعر أو للبشرة، أو في المخبوزات، أو السلطات.

وعلى غرار الكاكاو والبن، وهما المحصولان المفضلان منذ زمن بعيد في أوروبا وأمريكا الشمالية، يستمد جوز الهند من المزارع المدارية، وينتجه في كثير من الأحيان مزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة.

ولكن المسافات الشاسعة وتدفقات المعلومات المفتتة تفصل المنتجين عن المستهلكين. ولذلك طالما ظلت قوة السوق كامنة في الشركات التجارية وشركات تجهيز الأغذية الكبيرة التي تسد الفجوة التاريخية الواسعة بين المنتجين وأسواق منتجاتهم في الغرب.

ولكن ليس بالضرورة أن يكون الأمر على ذلك المنوال. فازدياد الطلب على السلع والمنتجات المخصوصة التي ينتجها أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية يمكن أن يفتح طريقاً للخروج من الفقر نحو تحقيق الازدهار لمجتمعاتهم المحلية الريفية.

وهذا هو ما دفع الصندوق إلى تطوير خبرة هائلة في بناء سلاسل القيمة التي تربط المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة بالأسواق الغربية وتقاسم منافعها بصورة أكثر إنصافاً. وبفضل ما أنشأناه من شراكات بين المنتجين والقطاعين العام والخاص، يقوم صغار منتجي الكاكاو في سان تومي وبرينسيبي اليوم بتوريد منتجاتهم إلى صانعي الشوكولاتة في أوروبا. ويصل زيت جوز الهند من مزارعي جزر المحيط الهادئ إلى كل أنحاء أوروبا.

وتُزيل الشراكات من هذا النوع المخاطر التي يتعرض لها المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة. وحالما تتاح لهم سُبل مأمونة للوصول إلى الأسواق فإن بوسع هؤلاء المزارعين الاستثمار في تكنولوجيات الإنتاج الأفضل والابتكار والخدمات وبناء المعرفة.

ويتجه الصندوق بشكل متزايد نحو الاستثمار في المشروعات التي يحركها السوق وتُساعد على تحسين سلاسل القيمة. ونولي عناية خاصة للعمل مع شركات القطاع الخاص لأن هذه الشركات تُشكِّل قوة دافعة متنامية في قطاع الأعمال الزراعية وفي التنمية الريفية.

ويهدف نهج الشراكات بين المنتجين والقطاعين العام والخاص إلى تحديد ترتيبات الأعمال المفيدة لكل الأطراف والتي يمكن أن تزوِّد أصحاب الحيازات الصغيرة بحصة منصفة من المنافع. ويُساهم القطاع الخاص بالتمويل والخبرة العملية وإتاحة إمكانية الوصول إلى الأسواق وتقاسم التكاليف والمخاطر.

ويحقق نهج الشراكات بين المنتجين والقطاعين العام والخاص أثره على أفضل وجه بصفة عامة في المحاصيل النقدية المناسبة للتصدير، مثل الكاكاو والبن والموز والشاي. ومن الأسهل العمل في هذه المحاصيل لأن سلاسلها تكون بالفعل منظمة بدرجة كبيرة تُمكِّن من التوريد للأسواق الدولية القائمة أو الآخذة في الاتساع. وبعض الشركات الدولية المعنية تكون كبيرة ولا تتمتع بقدرة تقنية فحسب، بل ولديها القدرة على تمويل الإنتاج مسبقاً أو الاستثمار في إزالة معوقات الإنتاج.

وحقق الصندوق أيضاً بعض النجاحات الملحوظة في المحاصيل الغذائية على الرغم من أن سلاسل قيمة هذه المحاصيل يمكن أن تنطوي على تحديات أكبر. وفي السنغال، على سبيل المثال، قمنا بتطوير منصات يمكن فيها لجميع المعنيين بسلاسل قيمة الدُخن والسمسم والأرز (بما يشمل المنتجين والناقلين وتجار الجملة والمؤسسات المالية وموردي المدخلات) الاجتماع ومناقشة القضايا المشتركة وفرص الأعمال.

ولا بد من تهيئة بيئة تنظيمية تمكينية من أجل نجاح نهج الشراكة بين المنتجين والقطاعين العام والخاص. وإذا لم تُقدِّم سياسات البلد ولوائحه التنظيمية المساعدة إلى استثمارات القطاع الخاص فسيكون من الصعب إقناع الشركات بالالتزام بالموارد الضرورية.

وإذا كان إنفاذ القانون ضعيفاً، سيحجم القطاع الخاص عن العمل مع المزارعين لأن الشركات غير مستعدة لتحمل عبء مخاطر عدم إنفاذ العقود.

وبالمثل، إذا كانت سياسة التجارة تحابي الواردات الرخيصة التي تُزاحم الإنتاج المحلي فإن الحافز على المشاركة يمكن أن يكون محدوداً.

ولذلك علينا أن نبحث كل هذه العوامل ونيسِّر حواراً حول السياسات في البلدان التي نعمل فيها قبل الالتزام بأي مشروع من مشروعات سلاسل القيمة.

وقد يتعيَّن استخدام الأموال العامة، عند تيسير الشراكات بين المنتجين والقطاعين العام والخاص، بطريقة استراتيجية من أجل إيجاد حوافز تُشجِّع القطاع الخاص على العمل مع المنتجين. ويرتبط ذلك في كثير من الأحيان بتوفير بعض المنافع العامة أو الخدمات التي تُخفِّض تكاليف المعاملات وتحد من بعض المخاطر التي يتعرض لها القطاع الخاص.

من ذلك على سبيل المثال، إذا أردنا الوصول إلى مجتمعات محلية في مناطق نائية، فإن علينا ضمان توفير بنية أساسية عامة وطرق نقل كافية. وما لم يتحقق ذلك فربما لن يبدي القطاع الخاص أي اهتمام.

وشارك موظفو الصندوق في كثير من الأحيان بدور مباشر في تيسير المعاملات بين المنتجين والقطاعين العام والخاص. وتتطلب هذه العملية كثيراً من الوقت، لأن علينا مواءمة اهتمامات مختلف أصحاب المصلحة وبناء الثقة بينهم.

ويمكن لموظفي المشروعات أو مقدمي الخدمات القيام أحياناً بدور الوسطاء. وينطبق ذلك على منحة ممولة من الصندوق أُنجزت مؤخراً قمنا في إطارها بتكوين شراكة مع المنظمة الهولندية للتنمية.

ولدينا اليوم ما مجموعه 40 مشروعاً تقريباً سيُطبَّق فيها نهج الشراكة بين المنتجين والقطاعين العام والخاص في نحو 30 بلداً.

وحققنا بعض النجاحات في آسيا، بما في ذلك فييت نام وسري لانكا وإندونيسيا والصين. وفي أفريقيا، وبصفة خاصة في أفريقيا الشرقية والجنوبية، هناك اهتمام قوي من حكومات أوغندا وتنزانيا ورواندا وغيرها، بتطوير سلاسل قيمة قائمة على الشراكة بين المنتجين والقطاعين العام والخاص. ولكننا في حاجة إلى تمهيد الطريق لتنمية القدرات المحلية وتهيئة بيئة أعمال مواتية.

ونحن متحمسون كثيراً لإمكانية توسيع نهج الشراكة بين المنتجين والقطاعين العام والخاص. وبينما نرصد النتائج ونوثِّق الدروس المستفادة ونُعزِّز تقاسم المعرفة داخل الأقاليم وفيما بينها، ستُساعد زيادة انخراط القطاع الخاص مع صغار المنتجين والمزارعين على تهيئة فرص للعمل وتنمية قدرة هذه المجتمعات المحلية على الصمود.