IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

في ريف المغرب، جهود امرأة واحدة تحول حياة الكثيرات

المقدر للقراءة دقيقة 5

بعد أن حزمت أمتعتها وودعت موطنها القديم، تساءلت فاطمة الزهراء عما ستجده في الطرف الآخر من رحلتها. فقد كانت على وشك أن تنتقل هي وزوجها إلى كندر سيدي خيار، وهي قرية ريفية في محافظة صفرو في شمال المغرب، ذات بيئة مختلفة كثيرا عن مدينة العرائش الساحلية الصاخبة التي ترعرعت فيها.

في كندر سيدي خيار، وجدت فاطمة الزهراء مجتمعا غنيا بالتراث والتقاليد، ومشهورا بشكل خاص بوفرة نباتاته العطرية والطبية التي تنمو في الغابات المحيطة، وبثراء خبرته في تربية الأغنام والماعز. ولكنها لاحظت بعد أن استقرت أن النساء لا يساهمن بنشاط في الاقتصاد المحلي. وسرعان ما أدركت أنه لا تتوفر فرص كثيرة للنساء في المنطقة، وأن وصولهن إلى أصول مثل الأراضي والتمويل محدودة. وبينما ساعدت بعضهن أزواجهن في أعمالهم، لم تكن الكثيرات منهن يعملن خارج المنزل على الإطلاق.

وكلما ازدادت معرفتها بهؤلاء النساء كلما تبين لها أنهن راغبات في إحداث تغيير، وأنهن متحمسات وطموحات لدخول أنشطة الأعمال من أجل أنفسهن. وصممت على إنشاء شيء يعطيهن طريقة لكسب دخل ثابت والاندماج في الاقتصاد المحلي، ويعتمد على تراثهن والدراية التي لديهن بالفعل.

وفي عام 2013، أسست فاطمة الزهراء تعاونية للنسيج تضم 22 عضوة، استخدمت الصوف المجزوز من الأغنام التي تربى محليا لنسجه أولا بوسائل تقليدية، ومن ثم باستخدام آلات حديثة تم الحصول عليها من خلال تمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في عام 2014. ولسوء الحظ، لم تتمكن التعاونية من منافسة البدائل الأرخص في السوق، وأُغلقت بعد سنتين.

ومن غير أن تتوانى، قامت فاطمة الزهراء بتأسيس تعاونية أخرى للنساء في عام 2017. وفي هذه المرة، التمست الدعم من برنامج التنمية الريفية في المناطق الجبلية، وهو برنامج ممول من الصندوق مخصص لتنشيط الزراعة الصغيرة في المناطق الجبلية في المغرب. فقد تضررت هذه المناطق بشدة من جراء تغير المناخ والتصحر، مما جعل الممارسات الزراعية التقليدية صعبة، وحدّ من مداخيل صغار المنتجين.

فاطمة الزهراء تستخرج الزيوت العطرية في وحدة المعالجة التي أقيمت بدعم من برنامج التنمية الريفية في المناطق الجبلية.

وضمت التعاونية الجديدة 18 امرأة من ذوات الخبرة الواسعة في تربية الأغنام والماعز. وقد بدأن بـ108 نعجات
و3 كباش تسلمنها من برنامج التنمية الريفية في المناطق الجبلية – بالإضافة إلى 20 خلية نحل. وكما أوضح ممثل البرنامج، يزدهر النحل في المناطق الحرجية مثل صفرو، ويباع العسل دائما تقريبا بسعر جيد في السوق. كما شاركت النساء برغبة في طائفة من الدروس التي وفرها البرنامج – والتي غطت كل شيء من تربية النحل إلى تربية الأغنام والمحاسبة.

وبحلول عام 2021، نما قطيعهن إلى 400 نعجة، واحتل نحلهن 42 خلية نحل، أنتجت مجتمعة 126 لترا من العسل في السنة. ويدر بيع النعاج والعسل دخلا كافيا على النساء لتحسين ظروف معيشتهن ومعيشة أسرهن. كما أنه يساعد كلا منهن على أن تصبح مستقلة ماليا.

ولكن فاطمة الزهراء كانت مصممة على المضي قدما. وكانت تعلم بأن أراضي غابات صفرو غنية بنباتات إكليل الجبل، والخزامى، والزعتر، التي تستخدم في طائفة من مستحضرات التجميل، والمنتجات الطبية، والغذائية. ورأت أنه لا بد من وجود طريقة تستفيد بها المجتمعات المحلية من هذه النباتات.

وفي عام 2021، أنشأت مجموعة المصالح الاقتصادية Arôme Agay التي يكرس أعضاؤها الـ70 - 56 منهم من النساء - أنفسهم الآن لاستخراج، ومعالجة، وبيع الزيوت العطرية المشتقة من هذه النباتات الثلاثة. واستخدمت منحة من برنامج التنمية الريفية في المناطق الجبلية لإعداد مساحة لهم للعمل: اشترت أحواض غسيل جديدة، وعملت على دهن الأجزاء الداخلية، وبناء جدار لإنشاء غرفة مخصصة لاستخراج الزيوت. كما حصلت على شهادة وطنية لسلامة الأغذية للمجموعة، والتي تساعدهم على إقامة الشراكات وبيع منتجاتهم إلى طائفة أوسع من المشترين.

وتعتبر فاطمة الزهراء، من بداياتها في القرية إلى Arôme Agay، مثلا رائعا لكيفية تغيير مبادرة شخص واحد لحياة أشخاص كثيرين آخرين. وبفضلها، أصبحت عشرات النساء الآن يتمتعن بمصادر ثابتة للدخل، ويشكلن جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي لمجتمعاتهن المحلية.

استطلع كافة أعمالنا بشأن الشؤون الجنسانية وطالع المزيد عن حضور الصن