لماذا تُعد التنمية استثمارا ذكيا حتى في الأوقات غير المستقرة

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

لماذا تُعد التنمية استثمارا ذكيا حتى في الأوقات غير المستقرة

المقدر للقراءة دقيقة 6
© IFAD/Translieu/Samuel Nyaberi

يبلغ عدد النزاعات العنيفة حاليا أقصى حد وصل له منذ الحرب العالمية الثانية. ويبلغ عدد ظواهر الطقس الشديدة الآن خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل خمسين سنة. ويعيش واحد من أصل كل ثمانية أشخاص في منطقة هشة أو متأثرة بالنزاع.

وبالنظر إلى هذا السياق، من غير العجيب أن الإنفاق على المعونة الإنسانية قد ازداد بنسبة 164 في المائة خلال العقد الماضي.

وفي نفس الوقت، تباطأ الإنفاق على التنمية بسبب الواقع المالي الجديد والسياسات المتغيرة التي تعني أن البلدان تعطي الأولوية للاستجابة الطارئة على حساب التقدم طويل الأجل.

ولكن في هذا العصر الذي يتعرض لأزمات متعددة متقاطعة ويتلقى فيه السكان الصدمة تلو الأخرى، النهج الشامل تجاه كل من المساعدة الإنسانية والإنمائية هو وحده الذي يمكن أن يعطل هذه الحلقة المفرغة.

وجهان لعملة واحدة

تشترك المساعدة الإنسانية والإنمائية في نهاية المطاف في نفس الهدف: إيجاد حياة أفضل للسكان، بمن فيهم أولئك الأشد ضعفا.

ومع ذلك، حلّ عام 2016 قبل أن يدعو الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، إلى نهج جديد من شأنه أن يربط بشكل أقوى بين الاثنين من خلال النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية.

وهذا يعني عمليا، أن المساعدة الإنسانية لا ينبغي أن تلبي الاحتياجات الفورية فقط، بل أن تدعم أيضا نتائج التنمية المستدامة. وفي هذه الأثناء، ينبغي للمساعدة الإنمائية أن تعطي السكان الأدوات للصمود في وجه الكوارث بحيث يحتاجون لمساعدة إنسانية أقل في المستقبل.

وفي وقت يواجه فيه العالم تغير المناخ، والنزاع، وأزمات متداخلة أخرى، لم يسبق أن كان النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية أكثر أهمية مما هو عليه الآن.

كسر حلقة الحرمان

يعمل الصندوق بشكل وثيق مع النساء والشباب. © IFAD/Roger Anis

أنشئ الصندوق نفسه في أعقاب أزمة غذائية عميقة في منطقة الساحل في سبعينيات القرن الماضي. وهدفنا هو: معالجة العوائق الهيكلية لإنتاج الأغذية وكسر حلقة الكوارث والحرمان.   

ونحن نركز على جانب التنمية للنهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية. وبدلا من أن يقدم مساعدة فورية عند حدوث كارثة ما، يأخذ الصندوق نظرة طويلة، ويعمل بشكل وثيق مع المجتمعات المحلية، ولا سيما النساء والشباب، للخروج من حالة الفقر بشكل مستدام، وتحسين الأمن الغذائي، وبناء المجتمعات الأكثر قدرة على الصمود في وجه جميع أنواع الصدمات. ونساعد على إيجاد الظروف الضرورية لتجنب إيقاد النزاعات ومفاقمة تغير المناخ.

والنتائج واضحة. فقد استخدمت دراسة حديثة بيانات نظام المعلومات الجغرافية لتبين كيف يمكن لاستثمارات الصندوق الحد من مخاطر النزاع، وهكذا الحد بصورة غير مباشرة من الحاجة للمساعدة الإنسانية على المدى الطويل. وفي مالي، أظهرت بيانات نظام المعلومات الجغرافية زيادة في النزاع بنسبة ثمانية في المائة في المناطق التي لم يتدخل فيها الصندوق، بينما لم تحدث زيادة في النزاع في مناطق المشروعات الناجحة.

الصندوق عضو في مبادرة الجدار الأخضر العظيم التي تهدف إلى إعادة وحفظ النظم الإيكولوجية الفريدة وإيجاد حياة لائقة في منطقة الساحل، التي تعد منطقة هشة حيث يساهم تغير المناخ والتدهور البيئي في النزاع.

تظهر بيانات نظام المعلومات الجغرافية أن استثمار الصندوق يمكن أن يحد من مخاطر النزاع.
 © IFAD/Translieu/Samuel Nyaberi 

وفي النيجر، مكّن مرفق اللاجئين، والمهاجرين، والتهجير القسري، والاستقرار الريفي التابع للصندوق النساء والشباب، المجموعتين المستهدفتين بشكل خاص من قبل بوكو حرام، من خلال إيجاد أكثر من 000 7 وظيفة مؤقتة في إدارة المياه.

وبعد أن عانت تونغا من أكبر ثوران بركاني في القرن الحادي والعشرين، عمل الصندوق مع النساء لزراعة الحدائق المنزلية التي تحد الآن من اعتمادهن على الغذاء المستورد من الخارج.

وفي هايتي، يخفف مشروع الاقتصاد الأزرق الشامل التابع للصندوق اثنتين من أكثر المشاكل إلحاحا: الفقر شديد الارتفاع والكوارث المناخية المستمرة. ويقوم المشروع بمساعدة 000 40 من السكان الساحليين، ولا سيما النساء والشباب، على إدارة الموارد الطبيعية والبحرية من أجل التنمية المستدامة.

وفي نيجيريا الشمالية، حيث يتآمر التمرد المسلح وتغير المناخ للحد من فرص النساء والشباب، نفذ الصندوق أول استثمار له على الإطلاق في مؤسسة خاصة، Babban Gona، من خلال برنامج تمويل القطاع الخاص.

حان الوقت للاستثمار في المستقبل

علينا أن نغير أولويات إنفاقنا. وليس هذا منطقيا من الناحية الاقتصادية وحسب – إذ أن كل دولار ينفق على القدرة على الصمود الآن يوفر ما يصل إلى 10 دولارات أمريكية من المساعدة الطارئة في المستقبل – بل يعني أيضا تجنب المعاناة بالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم.

التجديد الثالث عشر لموارد الصندوق يناشد الدول الأعضاء زيادة استثماراتها في قدرة السكان الريفيين على الصمود بحيث نقدم لهم الدعم الذي يحتاجون إليه لبناء مستقبل أفضل وأكثر قدرة على الصمود لأنفسهم وأطفالهم.