نموذج جديد للتنمية

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

نموذج جديد للتنمية

المقدر للقراءة دقيقة 5
©IFAD/Minzayar Oo/Panos

Vietnam - Sustainable Rural Development for the Poor Project in Ha Tinh and Quang Binh Provinces (SRDP) - November 2017

يذكرنا مؤتمر يعقد هذا الأسبوع في بوينس آيرس بالأرجنتين بأن البلدان النامية تتطلع اليوم إلى بعضها البعض للمساعدة وهي ماضية في طريقها نحو التنمية مثلما تفعل مع العالم المتقدم. وفي الواقع، فإن التقسيمات الثنائية مثل "المتقدمة/ النامية" تغدو غير واضحة بشكل سريع - مثلها كمثل الكثير من الأشياء الأخرى في عالمنا سريع التغير. وفي وجه تغير المناخ، وازدياد عدم المساواة، والتنافس على الموارد، والهجرة، وتحديات أخرى، تجد "بلدان الجنوب"، باقتصاداتها الناشئة القوية، أن لديها مصدر هائل لكل شيء من التمويل إلى التكنولوجيا والخبرة.  

ويأتي مؤتمر الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب، أو BAPA+40، بعد مرور أربعة عقود على انعقاد أول مؤتمر لبلدان الجنوب في بوينس آيرس، والذي شهد اعتماد 138 بلدا لخطة عمل بوينس آيرس لتشجيع وتنفيذ التعاون التقني فيما بين البلدان النامية. وقد ضمت خطة العمل هذه 38 توصية ملموسة لتعزيز التعاون بين البلدان الجنوب، والمعروف أيضا باسم التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.

وعالم اليوم مختلف جدا عن عالم المؤتمر الأول. ففي عام 1978، ساهمت أكبر سبعة اقتصادات (مجموعة السبعة) بنسبة 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي بلغ آنذاك 8.5 تريليون دولار أمريكي؛ وفي عام 2017، كانت قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد نمت إلى 80.7 تريليون دولار أمريكي، في حين انخفضت حصة مجموعة السبعة إلى نسبة 45 في المائة (البنك الدولي، 2019).

وسوف يجتذب المؤتمر الثاني أكثر من 500 1 ممثل من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص. وسوف تمثل وكالات الأمم المتحدة الثلاث المعنية بالأغذية التي توجد مقارها في روما (منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية) نائبة رئيس الصندوق Cornelia Richter. ووكالات الأمم المتحدة الثلاث التي توجد مقارها في روما لديها اهتمام خاص بهذا المؤتمر بسبب مهماتها التكميلية التي تساعد على مكافحة الجوع، وتعزيز زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة، وتحويل حياة السكان الريفيين الفقراء في جميع أنحاء العالم.   

وفي عام 2017، اعتمدت وكالات الأمم المتحدة التي توجد مقارها في روما "خارطة طريق مشتركة بشأن التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من أجل مؤتمر الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب" والتي تتضمن التنفيذ المشترك للمشروعات في الميدان، وتقوم بتحديد البلدان التي سيتم وضع أنشطة مشتركة مستهدفة للتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي فيها. كما تقوم وكالات الأمم المتحدة التي توجد مقارها في روما بتحديد كيانات القطاع الخاص التي يمكن أن تقدم المساعدة التقنية والمعرفة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة الزراعية، بالإضافة إلى تحري فرص التمويل من القطاع الخاص.

والتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي يتكيف بشكل جيد مع التنمية الزراعية بسبب الظروف البيئية، والزراعية، والاقتصادية المماثلة في العديد من بلدان الجنوب. ويتعرض الإنتاج الزراعي في بلدان الجنوب لمخاطر متزايدة من جراء تغير المناخ، واستنزاف الموارد، والتحضر، والفاقد والمهدر من الأغذية. كما تتزايد الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية في جميع الدول النامية، مما يضع عددا أقل من المنتجين الريفيين تحت ضغوط تلبية الطلب المتزايد على الأغذية والمنتجات الزراعية ذات الصلة.

وستحتاج البلدان إلى تعزيز الإنتاجية الريفية، وتعزيز التكيف مع تغير المناخ، وتسخير قوة التكنولوجيات الجديدة، ودعم إنشاء منظمات وشبكات المزارعين. وتتطلب هذه التدابير زيادة الاستثمار، وانتشار التكنولوجيا الجديدة، وتبادل المعرفة، ودعم السياسات – وجميعها مجالات يمكن للتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي أن يلعب دورا فيها.

لقد برز التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي اليوم كطريقة رئيسية للتنمية تعمل بالتوازي مع التعاون بين الشمال والجنوب. وهو يشمل أيضا فكرة للتعاون الإنمائي أوسع بكثير من فكرة "المعونة". إذ يشمل التجارة، والسياسات، وتبادل المعرفة، والاستثمار، والتعاون مع القطاع الخاص. كما أنه يتعلق بالتضامن، والمعاملة بالمثل، والثقة، والعمل على بناء الاعتماد على الذات.

وفي الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الإنمائي نحو تحقيق خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة، فإن التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وسيلة لتعزيز النُهج المتعددة الأطراف التي تعرضت للتهديد في السنوات الأخيرة. وبالتعاون مع الدول الأعضاء، يقوم عدد من وكالات منظومة الأمم المتحدة بالفعل بتوسيع وتنويع دعمه للتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي. على سبيل المثال، أطلق الصندوق مع حكومة الصين مرفقا للتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، وأنشأ ثلاثة مراكز شبه إقليمية للمعرفة والتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي لتكثيف جهوده في مجال التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.

وتمثل المشاركة النشطة لمنظمة الأغذية والزراعة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي في مؤتمر الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب لتعزيز الأمن الغذائي والتغذوي معلما هاما في الطريق إلى تحقيق التنمية الريفية المستدامة، والهدف النهائي المتمثل في القضاء على الجوع والفقر بمساعدة التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.

ينعقد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب من 20 إلى 22 مارس/آذار 2019