من مشارك في المشروع إلى موظف فيه: قصة صعود Priscilla Torres

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

من مشارك في المشروع إلى موظف فيه: قصة صعود Priscilla Torres

المقدر للقراءة دقيقة 6

في أعماق جنوب غرب غيانا وبجوار غابات الأمازون المطيرة، يعيش في المنطقة الواقعة بين تاكتو العليا وإيسيكيبو العليا عدد قليل من السكان يزيد بنسبة طفيفة على 000 20 نسمة. ومن قرى الهنود الأمريكيين القليلة المتناثرة قرية واويتا التي تسكن هذه الأرض العشبية حيث عاش فيها معاً الشعوب الأصلية من شعوب وابيشانا، وماكوشي، وأراواكس، وباتوماناس لعقود كانوا يزالون فيها الزراعة وصيد الأسماك لكسب عيشهم.

وعلى الرغم من أنك لن تجد هذه القرية الصغيرة على أي خريطة على الإنترنت فإنها مركز الكون لـ Priscilla Torres، وهي امرأة في السابعة والثلاثين من عمرها تنتمي للشعوب الأصلية من شعب وابيشانا. وPriscilla شعلة نشاط تتميز بالصراحة وأم لثلاثة أطفال وتتحلى بمقومات الزعامة المجتمعية الحقيقية.

وقد بدأت مسيرتها منذ أكثر من 10 سنوات عندما لاحظت أن كثيراً من الناس يرحلون عن مجتمعها بحثاً عن عمل في أماكن أخرى في العادة عبر الحدود في البرازيل. ورأت Priscilla آثار هذه الهجرة على قريتها فأرادت أن تفعل شيئاً لتثبيطها، ولذلك بدأت في اجتذاب زميلاتها من نساء القرية معاً في رابطة زراعية.

وجربت نساء الرابطة عدة محاصيل مختلفة حتى وجدن ضالتهن في الكسافا. واشتغلن في البداية في مطحنة كسافا عتيقة تقليدية. وكان منتجهن الرئيسي هو الفارين (دقيق الكسافا المحمصة) بسبب الإقبال الشديد عليه، لكنهن صنعن أيضاً بسكويت الكسافا لتوفير وجبات ساخنة لمدرسة القرية إلى جانب منتجات أخرى.

وكوَّنت هذه النساء في نهاية المطاف رابطة واويتا للنساء المشتغلات في التجهيز الزراعي وأصبحن بعد أن بلغ عددهن 48 عضوة يمثلن تقريباً كل نساء القرية. وفي عام 2008، اختارت الرابطة Priscilla أول رئيسة لها.

وفي عام 2020، تلقت الرابطة تدريباً على ريادة الأعمال وممارسات التصنيع والتسويق السليمة من مشروع التمكين الريفي لأغراض التنمية الزراعية الممول من الصندوق.  وكانت تلك الجلسات حاسمة لزيادة إيرادات أعمالهن الصغيرة. والأهم من ذلك أنها ساعدت المجموعة على ”النمو كأفراد وكمنظمة. وعززت ثقتنا وأتاحت لنا إشراك نساء أخريات” على حد قول Priscilla.

أعضاء رابطة واويتا للنساء المشتغلات في التجهيز الزراعي أثناء عملهن في مطحنة الكسافا الجديدة _إهداء من Priscilla Torres)

ولكن Priscilla كانت تعلم أن المجموعة يمكن أن تحقق أكثر من ذلك، ولذلك استمرت في العمل والتنظيم وتشجيع زميلاتها من عضوات الرابطة. وتلقين بالفعل على مر السنوات تمويلاً إضافياً من حكومة غيانا ومن مانحين دوليين آخرين أتاح لهن بناء مطحنة كسافا حديثة ومجهزة تماماً. ويمكنهن الآن إنتاج ما يصل إلى 750 كيلوغراماً من دقيق الفارين في 4 ساعات، أي ما يتراوح بين 000 200 و000 300 دولار غياني (950-400 1 دولار أمريكي).

وتخبرنا Priscilla أن ”هذا العمل أصبح المصدر الرئيسي للدخل في القرية، خاصة للنساء والشباب. وحقق نجاحاً كبيراً لدرجة أننا لاحظنا على مر السنوات الثماني الماضية تراجعاً في معدلات الهجرة ونلاحظ الآن أيضاً أن الناس يعودون من البرازيل للمشاركة في جهود التنمية المجتمعية“.

ولكن بلوغ ذلك لم يكن بالأمر السهل. وتقول Priscilla: ”لم يكن هناك دعم كثير لنا من المجتمع المحلي في البداية. ولكننا بقينا معاً أقوياء ومستجمعين تركيزنا إلى أن اقتنع مجلس القرية في نهاية المطاف بأننا نستحق الدعم“.

وسيشعر كثير من الناس بعد إنجاز ما قامت به Priscilla، بالارتياح، ولكن هذه التجارب جعلت Priscilla تشعر بأنها أكثر قوة وبأنها مستعدة لمواصلة العمل من أجل تحسين حياة شعبها.

وعملت Priscilla في البداية مع وكالة شؤون الشعوب الأصلية. وأمضت 6 سنوات في العمل معها سعت خلالها إلى مواءمة وظيفتها مع عملها في رابطة واويتا للنساء المشتغلات في التجهيز الزراعي. وسمعت Priscilla بعد ذلك في عام 2016 خلال مؤتمر إقليمي للتوشاو (أي السلطات التقليدية للشعوب الأصلية) عن مشروع جديد ممول من الصندوق تحت اسم ’مشروع التنمية الزراعية المستدامة في الأراضي الداخلية‘. واهتمت Priscilla بالطريقة التي يمكن أن يساعد بها المشروع مجتمعها المحلي على التقدم.

وبات واضحاً أن المشروع كان مهتماً أيضاً بكيفية مساعدتها لمجتمعها المحلي. ونظراً لأنها كانت معروفة في كل أنحاء الإقليم بمهاراتها القيادية فقد منحها المشروع منصب المنسق الميداني، وهو منصب يلائم تماماً المهارات التي كانت تبنيها منذ الأيام الأولى التي أمضتها في تنظيم زميلاتها من نساء القرية.

Priscilla (الثانية من اليمين) تتوقف لالتقاط صورة مع طلاب من جامعة غيانا (إهداء من Priscilla Torres).

وتتولى Priscilla، بوصفها منسقة ميدانية، المسؤولية عن مساعدة المجتمعات المحلية على بلورة أفكار لمشروعات يقرر بعدها مشروع التنمية الزراعية المستدامة في الأراضي الداخلية تمويلها. وعملت في جميع أنواع المشروعات - من تربية الطيور الداجنة إلى السياحة الإيكولوجية وغيرها - ولكن القاسم المشترك بين تلك المشروعات هو التنمية. وكانت على وعي بكل ما يمكن أن يرفع مستوى الإيرادات ويولِّد فرصاً للعمل أو يُحسِّن معدلات التنمية في جميع أنحاء الإقليم.

وتتحدث Priscilla باعتزاز عن الفرصة التي أتاحها لها ذلك المنصب فتقول ”أعمل مع المجتمعات المحلية ومع السلطات التقليدية للشعوب الأصلية والمستشارين وأهل الرأي وغيرهم، مثل موظفي الخدمات الصحية والمعلمين. والواقع أن ذلك يتيح لي التعلم والنمو ومساعدة شعبي“.

ويتيح لها هذا العمل أيضاً تكوين تحالفات خارج مجتمعها المحلي. وأقامت علاقات وطيدة مع المجلس الديمقراطي الإقليمي ووزارة المالية، ووزارة الزراعة. وعلى الرغم من انشغالها الشديد في هذه الأيام فقد ظلت جذورها حاضرة دوماً في ذاكرتها. ولا تزال تعمل مع رابطة واويتا للنساء المشتغلات في التجهيز الزراعي التي تشغل فيها منصب سكرتير المجلس التنفيذي.

وتعلم Priscilla أن نجاح مبادرات التنمية يبدأ بالمشاركة المجتمعية الشعبية فتخبرنا قائلة: ”لقد لاحظت أهمية العمل مع مختلف الفئات، مثل الشباب والنساء وكبار السن، والسماح لهم بالمشاركة بدور كامل في عملية التخطيط. ونحقق من خلال ذلك مشاركة مجتمعية بنسبة 90 في المائة، وهذه مسألة بالغة الأهمية“.

وعند البحث عن الإلهام، يتطلع كثير من الناس في العادة إلى شخصيات عظيمة من التاريخ. والصندوق ليس هو الاستثناء، ولكننا نتطلع أيضاً إلى Priscilla ومن على شاكلتها لأنهم يمثلون العنصر الضروري لنجاح مشروعاتنا، ألاّ وهو العامل البشري.

اكتشف المزيد عن عمل الصندوق في غيانا.