بهدف "تخضير" منطقة الساحل نحتاج لخطط كبيرة وإجراءات صغيرة

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

بهدف "تخضير" منطقة الساحل نحتاج لخطط كبيرة وإجراءات صغيرة

المقدر للقراءة دقيقة 5
© IFAD/Barbara Gravelli

لعل أفضل وسيلة لجعل الصحراء تزدهر هي أن تحفر حفرة. ولا نعني بئرا وإنما حفرة ضحلة مسطحة في تربة رملية بسعة وطول ذراعك. بعدئذ أضف إليها بعض الروث، واغرس بذورك، وانتظر هطول الأمطار.

يعتبر استخدام الحفر الصغيرة في الزراعة تقنية زراعية قديمة. كذلك فهي وسيلة ممتازة لجمع الرطوبة، ومؤخرا تم إحياء هذه التقنية عبر جميع الأراضي الجافة في أفريقيا وبخاصة في منطقة الساحل، في حزام واسع شبه قاحل من الأراضي التي تفصل الصحراء الكبرى عن غيرها من الأراضي العشبية الأكثر رطوبة إلى الجنوب.

وتشير النمذجة المناخية إلى أن منطقة الساحل تزداد جفافا. وأن الصحراء آخذة بالزحف بحيث تطغى على عشرات آلاف من الأمتار المربعة من الأراضي كل عام، وتجعلها غير صالحة للإنتاج المحصولي والحيواني. كذلك فقد شهد هذا الإقليم أيضا موجات جفاف متعاقبة مما جعل مواسم الحصاد أمرا غير موثوق به، وأسهم نقص الأغذية الناجم عن هذا الأمر في انتشارالفقر وسوء التغذية بشكل واسع. ولزيادة الطين بلة، فقد جعل قطع الغابات من هذا الإقليم إقليما يفتقر إلى الأشجار والغطاء الحرجي، مما أدى إلى تردي جودة التربة، وإلى استنزاف مخازن المياه الجوفية.

ولمحاربة تدهور الأراضي، وفي عام 2007 أطلق الاتحاد الأفريقي مبادرة السور الأخضر العظيم، لزراعة حزام كثيف من الأشجار من المحيط إلى المحيط عبر القارة بأسرها. وفي عام 2015، وقعت عشر بلدان أفريقية مبادرة إعادة الغابات والمناظر الطبيعية في أفريقيا الى هيئتها الأصلية،وهي مبادرة تدعو إلى إعادة إحياء 100 مليون هكتار من الأراضي بحلول عام 2020.

وتعتبر البرامج من هذا القبيل أمرا لا مفر منه للإجراءات واسعة النطاق. ولكنها قد تغفل في بعض الأحيان عنصرا حاسما ألا وهو المزارعين على نطاق صغير الذين يعيشون مع آثار زحف الصحراء كل يوم، والذين غالبا ما يمتلكون أساليبهم الخاصة التي اختبروها على مدى الزمن، والتي يجب عدم إغفالها.

يعمل الصندوق مع المزارعين في أفريقيا لمحاربة التصحر منذ ثمانينات القرن الماضي. ولدينا دلائل تشير إلى أن الجهود التي تركز على المجتمعات المحلية يمكن أن تؤدي إلى جني مكاسب كبيرة.

في إقليم تاهوا في جنوب غرب النيجر على سبيل المثال، تم استخدام أساليب حصاد المياه التقليدية لعقود من الزمن لإعادة إحياء الأراضي المتدهورة بصورة مستدامة وفعالة. وما بين عامي 1988 و1995، شجع الصندوق المزارعين في المنطقة على زراعة محاصيلهم في حفر ضحلة، أو على شكل مستجمعات مياه صغيرة على شكل أنصاف أقمار تصنع من خلال تشييد حواجز مرتفعة شبه دائرية من التربة على الأراضي المنحدرة. وخلال فترة تشغيل هذا المشروع ومدتها ثمان سنوات، تم إعادة إحياء 6 000 هكتار من الأراضي المتدهورة بشدة.

©IFAD, FAO, WFP (المنظمات التي تتخذ روما كمقر لها)/Barbara Gravelli

وتبنى المزارعون من المناطق القريبة الذين رأوا بأم أعينهم نجاح جيرانهم تقنيات الزراعة هذه، وازدادت مردودات المحاصيل مما شجع القرويين على شراء أراض إضافية متدهورة بغرض إعادة إحيائها، الأمر الذي رفع من قيمتها وخلق طلبا على الأراضي الجافة. في الوقت ذاته تمكنت أسر عديدة كانت في وقت من الأوقات قادرة على زراعة نصف احتياجاتها من محاصيل الحبوب فقط من إنتاج فوائض من هذه المحاصيل بصورة موثوقة.

ولعل الأهم من ذلك أن هذه المكاسب قد استمرت على مدى عقود. ففي عام 2019،  وجدت زيارة لمنطقة ايليلا في إقليم تاهوا مزارعين محليين يستخدمون ممارسات حصاد المياه التي نفذوها لعدة سنوات مضت، ومازال مزارعون آخرون يتبنون مثل هذه الممارسات.

هنالك إجماع دولي واسع على وجوب القيام بأمر ما لوضع حد للتصحر في منطقة الساحل. إذ لا تشكل خسارة الأراضي الزراعية والرعوية تهديدا لبقاء المجتمعات المحلية فحسب، وإنما تشكل خطرا على الكوكب بأسره أيضا. ومع وجود غطاء حرجي محسن وأراض زراعية تمت إعادة إحيائها يمكن لمنطقة الساحل أن تغدو أراض أكثر صحة، وبذلك تكون أكثر صمودا في وجه الصدمات المناخية، تتسم بقدر أكبر من التنوع الحيوي، وتكون قادرة على إنتاج المزيد من الأغذية، وتوليد المزيد من المياه للسكان المحليين.

ولكي تنجح مثل هذه الجهود، فإننا بحاجة لأن نجمع بين الالتزامات واسعة النطاق والعديد من الإجراءات المحلية صغيرة النطاق. ويدرك الصندوق جيدا الدور المحوري للمزارعين الأسريين في الإقليم في هذه العملية، ونتطلع للعمل معهم ودعم جهودهم في السنوات القادمة.