لا يمكن لمحادثات تغير المناخ أن تستمر في تجاهل احتياجات المزارعين على نطاق صغير

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

لا يمكن لمحادثات تغير المناخ أن تستمر في تجاهل احتياجات المزارعين على نطاق صغير

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/Susan Beccio

يعد السكان الريفيون الفقراء من بين أكثر الفئات تضررا من تغير المناخ، على الرغم من ضآلة مساهمتهم في التسبب به. وهم يستحقون حصة عادلة من تمويل المناخ لتحسين قدرتهم على الصمود، ومقعدا على طاولة المحادثات العالمية الخاصة بالمناخ.

ويوفر مؤتمر الأطراف السادس والعشرين فرصة لتسليط الضوء على فقراء الريف نساء ورجالا. إذ أنه وبعد سنوات من التقدم المحرز، بدأ الجوع بالازدياد مجددا، وتزامن ارتفاع الجوع مع ثلاث من أصل أربع سنوات أشد حرارة على الإطلاق. ويواجه إنتاج الأغذية ضغوطات بسبب موجات الجفاف الأكثر تعاقبا وحدة، وانتشار الآفات والعواصف والفيضانات.

ويعتمد حوالي2.5 مليار شخص في العالم على 500 مليون مزرعة على نطاق صغير لسبل عيشهم. وهم عرضة على وجه الخصوص لارتفاع درجات الحرارة، والظواهر الجوية المتطرفة. ومن جهة أخرى، فإن المزارعين على نطاق صغير غير مسؤولين إلا عن حوالي خمسة بالمائة من انبعاث غازات الدفيئة في العالم. ويعتمد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة اعتمادا كبيرا على الزراعة البعلية. وبالتالي، يمكن للفيضانات المفاجئة أو حتى الفترات القصيرة التي لا تهطل فيها الأمطار، أن تسبب في فشل محاصيلهم، مما يؤدي إلى الجوع والافتقار إلى الأموال اللازمة للمدارس والضروريات، أو للبذور لموسم الزراعة التالي. وقد تركت الاستثمارات غير الكافية بصورة مزمنة في البنى التحتية مثل تخزين المياه والري، المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة عرضة للمخاطر على وجه الخصوص.

ويؤثر شح المياه وموجات الجفاف على أعداد متزايدة من الأشخاص عالميا. وسيواجه حوالي 5 مليارات شخص في العالم بأسره شهرا واحدا على الأقل من شح المياه من كل عام بحلول عام 2050. وربما تحتل الفيضانات العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام بسبب أضرارها المأساوية، إلا أن آثار الجفاف عميقة ومستمرة. ومن آثار الجفاف على المدى الطويل سوء الأوضاع الصحية والأمراض وتقويض النظم الغذائية.

ويمكن لهذه الآثار أن تكون مأساوية على تغذية الأطفال بحيث تؤدي إلى نتائج لا يمكن عكسها على الغالب. ويبقى الأطفال الذين يولدون خلال موجات الجفاف أقصر قامة، كما أنهم يتلقون قدرا أقل من التعليم، ويتمتعون بقدر أقل من القوة، وفي نهاية المطاف ربما يصبحون أقل ثراء أثناء حياتهم. وتؤثر موجات الجفاف على أجيال متعاقبة، بحيث أنه من المحتمل بصورة أكبر لأطفال الأمهات اللواتي خبرن صدمات من جراء الهطولات المطرية في طفولتهن أن يعانوا من سوء التغذية.

ولا يظهر أثر تغير المناخ على فقراء الريف بصورة أكثر وضوحا مما هو الحال عليه في أفريقيا. إذ تسهم الزراعة في 32 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا، ويعتمد مئات الملايين من الأفارقة على هطولات مطرية لا يمكن التنبؤ بها بصورة متزايدة لزراعة أغذيتهم. وقد خبرت أفريقيا أحداثا مناخية أكثر تواترا وحدة على مدى العقد الماضي. وتشير الإسقاطات إلى حدوث بعض أكبر التغييرات في المناخ في أفريقيا، وذلك بسبب المزيج المركب لنظم الطقس الموجودة فيها على نطاق واسع. وتعتبر منطقة الساحل على وجه الخصوص أكثر عرضة لتغير المناخ بحيث يتأثر به حوالي 300 مليون شخص.

وأما الأخبار الجيدة فهي أن السنوات القليلة الماضية قد شهدت تطورا مطردا في التقنيات الحديثة، وفي الأصناف المحصولية المقاومة للجفاف، والأدوات الأفضل لإدارة الري. ولكن المزارعين بحاجة للتمويل، بحيث يمكن لهم أن يتبنوا هذه الحلول. إنهم بحاجة إلى الأموال لحفر   البرك، ولزراعة محاصيل مقاومة لتغيرالمناخ، ولنقل وبيع محاصيلهم.

ولهذا السبب، يولي الصندوق الأولوية لتمويل المناخ في عملنا مع المزارعين على نطاق صغير. إننا نعد من المحركات الأولية للتأقلم مع تغير المناخ، وبحلول عام 2019 كان تمويل المناخ يمثل ثلث برنامجنا.

ومن المجالات الرئيسية للتركيز، تحسين وتخصيص وإدارة الموارد المالية، ففي عام 2019 مولنا مخططات للري لأكثر من 58 000 هكتارا من الأراضي الزراعية. وزادت تدخلات الصندوق الخاصة بتغير المناخ من المردودات بحوالي 140 بالمائة لبعض الحبوب، وما يصل إلى 300 بالمائة لبعض الخضار. وفي نيبال ساعدنا المزارعين على إدخال أصناف أرز مقاومة للإجهاد تنمو بصورة جيدة، وتقاوم آثار الجفاف. وفي السنوات التالية قمنا بإنشاء مجموعات لمنتجي البذور لتمكين المزارعين من الوصول المستمرلهذه الأصناف، وضمان الإبقاء على تحسين القدرة على الصمود في وجه المناخ في السنوات والعقود المقبلة.

ولكن لابد من توسيع نطاق مثل هذه الحلول. ولتحقيق هذا الأمر، يتوجب على التمويل العالمي للمناخ أن يكون أفضل استهدافا للفقراء، كما يتوجب أن يكون كافيا وملائما ويسهل الوصول إليه. ولكن ولسوء الحظ، فإن هذا الأمر أبعد ما يكون عن الواقع حتى الآن.

لا يصل إلى المنتجين الزراعيين على نطاق صغير إلا ما يقل عن 2 بالمائة من التمويل العالمي للمناخ. . وهذه النسبة ضئيلة بصورة غير مقبولة. ومن الأمور المثيرة للقلق بصورة موازية هي أن تمويل المناخ على وجه العموم غير كاف، ولابد من بذل المزيد للإيفاء بالالتزامات التي أبرمتها الدول المتقدمة بموجب اتفاقية باريس لتعبئة 100 مليار دولار أميركي إضافي لتمويل المناخ. إذ بقيت المساعدة الإنمائية الدولية الإجمالية، باستثناء الدعم الإنساني، ثابتة على حالها بين عامي 2009 و2018. مما يوحي بأن تغير المناخ ليس إضافيا، وإنما مجرد تعويض عن معونات أخرى، أو أنه معونة سابقة أعيدت تسميتها.

وفي حين ركزت الاجتماعات السابقة لمؤتمر الأطراف في الغالب على التخفيف من آثار تغير المناخ، سوف يركز الاجتماع السادس والعشرين لمؤتمر الأطراف على التأقلم مع تغير المناخ، والقدرة على الصمود في وجهه. ويشكل هذا الأمر فرصة لإدماج السكان الريفيين الفقراء في عملية صنع القرار. ومن الهام بمكان أيضا، أن يكون انعقاد مؤتمر الأطراف السادس والعشرين بفارق أشهر فقط على انعقاد قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية لعام 2021، مما يمكن من الربط بين جداول أعمال المناخ والأغذية والفقر. في عام 2021، لدينا فرصة هامة سانحة لتحويل النظم الغذائية بغية وضع حد للفقر والجوع بأسلوب مستدام بيئيا، وهي فرصة لا يمكن لنا أن نفوتها .