Making every drop count: Saving water and rural livelihoods

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

الاستفادة من كل قطرة: حماية المياه وسبل العيش الريفية

المقدر للقراءة دقيقة 6
©IFAD/FAO/WFP/Michael Teweld

حتى وقت قريب، وفي كل مرة احتاجت فيها فاطمة حسن محمد إلى الماء للغسل أو الطهي أو الشرب، كان عليها، وهي أم لخمسة أطفال، أن تنطلق سيرا على الأقدام. وكان أقرب مصدر للمياه يقع على بعد يزيد عن 20 كيلومترا - وهي رحلة مرهقة تستغرق نصف يوم عبر أرض تُعدّ فيها المياه ثمينة إلى حد أن كل قطرة لها أهميتها.

وتعيش فاطمة في جيبوتي، أحد أشد بلدان العالم فقرا بالمياه. وتتخذ أسرتها من إقليم تاجورة الشاسع والقاحل – وهو أكبر أقاليم جيبوتي جغرافيا، موطنا لها. وهنا، حتى بعد المشي لمدة اثنتي عشرة ساعة، كان بإمكان فاطمة الوصول إلى مياه ذات نوعية رديئة إلى حد أنها تسبب أمراضا شتى من الإجهاض إلى مرض السل.

وفاطمة ليست الوحيدة. ففي جميع أنحاء العالم، يعيش أكثر من ملياري شخص في بلدان تعاني من إجهاد مائي شديد. وفي الواقع، تمثل الندرة المتزايدة للمياه أحد أكثر مشاكل العالم إلحاحا. وعلاوة على ذلك، يؤدي سوء إدارة المياه إلى تحويل إحدى الاحتياجات الأساسية لحياة الإنسان إلى كمية بعيدة المنال.

وستزداد مشكلة ندرة المياه المادي سوءا، وهي تؤثر حاليا على جميع سكان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى جنوب آسيا وأجزاء كبيرة من الصين. ويؤدي الاقتصاد دورا في ذلك أيضا: إذ في أماكن مثل بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، يعني الافتقار إلى البنية التحتية عجز السكان عن الوصول إلى إمدادات مياه موثوقة، حتى في حال توفرت المياه.

وتنتشر ندرة المياه، سواء كانت مادية أو اقتصادية، بشكل سريع، ويدفعها في ذلك تغيّر المناخ، والتوسع الحضري، والتغيرات في الحميات الغذائية. ومع زيادة النمو السكاني، فإن الطلب على المياه للاستخدامات المختلفة في طريقه نحو زيادة هائلة تصل إلى نسبة 50 في المائة بحلول عام 2050، الأمر الذي يعني أنه من المتوقع أن تنخفض كمية المياه المتاحة للفرد الواحد.

وتعدّ المخاطر التي ينطوي عليها الأمر مرتفعة للغاية: فبدون المياه للزراعة والطهي والشرب، لا يمكن أن تكون هناك تغذية أو أمن غذائي. وكنتيجة لذلك، يكرس الصندوق جهوده للتخفيف من أزمة المياه في العالم من خلال تمويل مجموعة واسعة من مشروعات إدارة المياه والبنية التحتية صغيرة النطاق في جميع أنحاء العالم. ويكمن تقدير قيمة موارد المياه في صميم استثمارات الصندوق، ويتجلى ذلك في التزامه بالمساعدة في استعادة الدورات المائية والنظم الإيكولوجية، والجريان البطيء، علاوة على جمع المياه وتخزينها.

وتسلّط مثل هذه المشروعات التي يمولها الصندوق، من إنشاء أنظمة الري الكفؤة في استخدام المياه في المرتفعات الريفية في إثيوبيا إلى توفير صهاريج المياه النظيفة في منطقة شمال شرق البرازيل المنكوبة بالجفاف، وبناء السدود في النيجر، ودعم تربية الأحياء المائية في بنغلاديش، الضوء على سبل المضي قدما. وتتصدى هذه المشروعات لتحديات من قبيل الهطولات المطرية المتغيرة وغير المنتظمة مع الاعتراف بقيمة المياه كمدخل حاسم للإنتاج الزراعي والنشاط الاجتماعي والاقتصادي.

وفي جيبوتي، غيّر برنامج إدارة المياه والتربة الذي يموله الصندوق حياة فاطمة. وبالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي وحكومة جيبوتي، أدخل البرنامج تحسينات على البنية التحتية للمياه في البلاد من خلال إنشاء نظام من الصهاريج والخزانات التي تجمع مياه الأمطار وتخزنها على طول طرق رعي المواشي في المنطقة التي تعيش فيها.

وولّدت هذه البنية التحتية الجديدة لجمع المياه أصولا عامة لا تقدّر بثمن بالنسبة للإنسان والحيوان، إذ سمحت بالوصول إلى المياه. وأتاحت أيضا فرصا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ويسعى البرنامج إلى تحسين سبل عيش المجتمعات الريفية ومجتمعات الرُحّل من خلال اعتماد تقنيات محسّنة للزراعة والإدارة المستدامة للمياه، ومستجمعات المياه، والمراعي والمجترات مثل الماعز والإبل. ويعمل البرنامج في إقليمي عرتا ودخيل، بالإضافة إلى تاجورة حيث تعيش فاطمة، ويغطي بالإجمال 13 منطقة للرعي ويعود بالفوائد على حوالي 66 000 شخص.

وتمكّنت فاطمة، بفضل التحسينات التي أدخلها برنامج إدارة المياه والتربة على منطقتها، من تقليص الزمن الذي يستغرقه تنقلها لجلب المياه، وتوفير 10 ساعات في كل رحلة. والأهم من ذلك هو أن المياه التي تجلبها الآن باتت آمنة للطهي والشرب.

وتؤثّر ندرة المياه في جميع أنحاء العالم بشكل غير متناسب على فرص النساء والفتيات وصحتهن ورفاههن. وسرعان ما شهدت فاطمة وأطفالها، الذين كانوا يعانون من أمراض متكررة بالإضافة إلى مشاكل سوء التغذية والنمو، تحسّنا في صحتهم. وقالت فاطمة: "لقد ساعدنا البرنامج أيضا على تجنب بعض الأمراض، ولا سيما الإسهال".

وأدى تحسين الوصول إلى المياه النظيفة إلى تحسين تغذيتهم بشكل مباشر أيضا، الأمر الذي يؤكد القيمة الحاسمة لخدمات المياه لتحقيق الأمن الغذائي. وفي جيبوتي، تمكّن العمال الذين تلقوا التمويل من برنامج إدارة المياه والتربة من إنشاء 250 حديقة منزلية - وهو أمر كان يستحيل تحقيقه مع المخططات القديمة لجلب المياه - وتقديم المشورة في مجال النظم الغذائية. وسرعان ما وَفّرت هذه الحدائق المغذيات الدقيقة اللازمة لنظام غذائي أكثر توازنا من خلال إنتاج الطماطم، والفلفل الأخضر، والبصل، والبطاطس والمورنجا.

وأحدثَ توفُّر وقت للبستنة وللاعتناء بأطفالها الخمسة فرقا كبيرا في حياة فاطمة. وتقول: "لقد ساعدني المشروع على فهم المزيد عن التغذية". و"استفاد أصغر أطفالي من الممارسات الجديدة التي تعلمتها، مثل الرضاعة الطبيعية حصريا لمدة 6 أشهر".

وفي المناطق التي تعاني من الندرة المطلقة، لا يزال على الجهود الرامية إلى تقدير قيمة المياه أن تحقق المزيد من التقدم. ويُعدّ تحسين استهلاك المياه، وتقليل الفاقد، وإعادة استخدام المياه حيثما أمكن من الخطوات الحاسمة التي ينبغي اتخاذها. وفي المناطق الريفية على وجه الخصوص، يمكن للتكنولوجيات المصغرة النطاق أن تسمح بإعادة استخدام المياه الرمادية، والتي تسمح بدورها بإعادة تدوير المغذيات. ويتصدى القطاع الخاص بالفعل لهذه المشكلة، غير أن هنالك حاجة إلى دعم عام من أجل توسيع نطاق ممارسات كهذه.

وقبل كل شيء، هنالك حاجة ماسة إلى حلول جديدة لضمان تحقيق أقصى استفادة من كل قطرة ماء، وخاصة في المناطق الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة.