للتمكن من القضاء على الفقر المدقع لابد من التركيز على المناطق الريفية

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

للتمكن من القضاء على الفقر المدقع لابد من التركيز على المناطق الريفية

المقدر للقراءة دقيقة 8
© Brookings

تم الإقرار على نطاق واسع بالمكاسب الملحوظة التي تحققت في مجال الحد من الفقر في العالم خلال السنوات العشر الماضية. ومع تطلّع الصين هذا العام إلى إنجاز مشروع مدته 40 سنة لانتشال حوالي 770 مليون شخص على طول خط الفقر، يبدو جليًا أن حصة أكبر من السكان في العالم أصبحت اليوم أكثر ثراءً من أي وقت مضى في التاريخ.

غير أنه من الضروري بذل جهود إضافية لأن حوالي 600 مليون شخص ما زالوا يعيشون اليوم في فقر مدقع، ويتخطّى هذا العدد مجمل سكّان الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى ذلك، يتفاقم الفقر في عدد من البلدان بدلًا من أن يتراجع، في حين أن مستويات الفقر تتراجع في بلدان أخرى بوتيرة غير كافية لتحقيق الهدف الأوّل من أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030. مما يعني أن عام 2020 لن يشكّل خاتمة الصراع العالمي ضد الفقر. بل قد يشكّل فاتحة عقد حاسم لتحديد القدرة على تحقيق الهدف العالمي المتمثّل بالقضاء على الفقر بحلول 2030 من عدمها.

ويتمثّل أحد العناصر الحاسمة للقضاء فعلًا على الفقر المدقع   (إي خفض نسبته إلى ما دون 3 في المائة من السكان في كل بلد من البلدان –أي مستوى التحمّل في نظمنا القياسية) في فهم أين يعيش السكان الريفيون وكيفية تنمية حلقات سليمة من النمو القائم على الأسواق ضمن المدن والبلدات والمناطق الريفية. . ويدهشنا غياب مجموعة رسمية من البيانات العابرة للبلدان التي تميّز بين الفقر الحضري والفقر الريفي. ويتيح البنك الدولي بيانات موزّعة بهذا الشكل بشأن الصين والهند وإندونيسيا فقط. ويطرح ذلك تحدٍ في عمليات صنع السياسات لأن الفقر يشكّل ظاهرةً محددة جغرافيًا، في حين تعتمد محرّكاته – وحلوله المحتملة – للتخفيف من الفقر على السياق الذي يحيط بالمجتمعات المحلية والأسواق ويربطها ببعضها البعض. وغالبًا ما ينبثق الفقر الريفي من الوصول المحدود إلى الأسواق والتعليم والبنى الأساسية ذات الجودة وفرص العمل والصحة والمنتجات المالية. وغالبًا ما يشوب الفقر الحضري ظروف معيشية هشّة أو محفوفة بالمخاطر من حيث الصرف الصحي والعمل والأمن الشخصي. ولا بد من فهم الفرق بين الاثنين لوضع استراتيجية وطنية للتخفيف من الفقر.

ولقد وضع  المختبر العالمي للبيانات، استجابةً لهذا التحدي، بيانات جديدة عن الفقر الريفي والحضري لكل البلدان في العالم بدعم من  الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD). ومع إتاحة هذه البيانات الآن على  ساعة الفقر العالمية (انظر القسم بشأن المنهجية على الموقع الالكتروني المذكور لمزيد من التفاصيل)، يتمتّع صنّاع السياسات بنقطة انطلاق لتحديد ديناميكيات الفقر الريفي/الحضري من الناحية الكمية، وتوقّعها وتحليلها. وترد الاستنتاجات الرئيسية الناتجة عن مجموعة البيانات فيما يلي.

يعيش معظم السكان الأشد فقرًا في العالم في المناطق الريفية. . ويعيش شخصان من أصل ثلاثة أشخاص يعانون من الفقر المدقع في سياقات ريفية. ويعيش ما مجموعه 400 مليون من النساء والرجال الريفيين في فقر مدقع، أي أكثر من سكّان الولايات المتحدة الأمريكية وكندا مجتمعين. وفي الوقت عينه، يعيش نصفهم تقريبًا (أي حوالي 200 مليون شخص) في المدن.

من المتوقّع أن يتراجع الفقر الريفي ومن المرجّح أن يستمرّ الفقر الحضري. . وبحسب إسقاطات ساعة الفقر العالمية، من المتوقّع أن يتراجع الفقر الريفي بواقع 100 مليون شخص (أو 26 في المائة) من 395 مليون إلى 293 مليون شخص خلال العقد المقبل، لا سيما بفضل النمو الاقتصادي والهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، مما يقلّص عدد السكان الريفيين الإجمالي في الكثير من البلدان. وليس من المتوقّع في المقابل أن يشهد الفقر الحضري تراجعًا ملحوظًا (من 203 مليون شخص اليوم إلى 200 مليون شخص)، بسبب الزيادة المرتقبة في التوسّع الحضري خلال العقد المقبل، لا سيما في أفريقيا.

الشكل 1 – من المتوقّع أن يتراجع الفقر الريفي بوتيرة أسرع من الفقر الحضري

المصدر: ساعة الفقر العالمية، مختبر البيانات العالمي

يشكّل الفقر الريفي ظاهرةً أفريقية إلى حد كبير. . تقع سبعة بلدان من أصل البلدان العشرة التي تسجّل أعلى مستويات الفقر في المناطق الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء. وتشمل هذه البلدان مجتمعةً ثلاثة أرباع (76 في المائة) الفقراء الريفيين في العالم، أو حوالي 305 ملايين من الأشخاص. وفي حين أنه من المتوقّع أن يتراجع هذا العدد خلال العقد المقبل ليصل إلى 245 مليون شخص، فمن المتوقّع أيضًا أن تزداد حصّة أفريقيا من الفقر الريفي العالمي لتصل إلى 85 في المائة بحلول 2030. وتستند هذه التوقعات على عدد قليل من البلدان. وإذا استمرّت الاتجاهات الحالية من دون اتخاذ إجراءات ملحوظة، فقد لا تحرز نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أي مكاسب في الحد من الفقر الريفي خلال العقد المقبل. وعلى سبيل المثال، تشير الإسقاطات إلى زيادة الفقر الريفي في نيجيريا بحوالي 4 ملايين شخص (7 في المائة) خلال السنوات العشر المقبلة ما لم تُتخذ إجراءات بارزة في هذا الصدد. وفي حين أفدنا في السابق أن نيجيريا هو البلد الذي يسجّل  أعلى مستويات للفقر في العالم، فإنه أيضًا من الأماكن القليلة التي تزداد فيها أعداد الفقراء في الواقع. وتحتل نيجيريا، بالفعل، المرتبة الأولى من حيث أعداد الفقراء في المناطق الريفية والحضرية على حدٍ سواء.

سيشهد الحد من الفقر الريفي في العقد المقبل عددًا من قصص النجاح. . ومن المتوقّع أن يُحرز عدد من البلدان تقدّمًا ملحوظًا قبل استحقاق أهداف التنمية المستدامة في عام 2030، شرط الحفاظ على معدّلات الحد من الفقر. ومن المرتقب أن تنتشل إثيوبيا حوالي 16 مليون شخص من براثن الفقر بحلول 2030، في حين من المتوقّع أن تحدّ الهند من الفقر الريفي بواقع 20 مليون شخص تقريبًا. كما تشير الإسقاطات إلى أن تنزانيا وأوغندا ستحدّان من الفقر الريفي بحوالي 9 ملايين شخص، مما يشكّل انخفاضًا في مستويات الفقر الريفي الحالية الإجمالية بواقع النصف. وبالفعل، ما زالت التوقعات تشير إلى أن ثمانية بلدان من أصل البلدان العشرة الأولى من حيث الفقر الريفي في عام 2030 ستكون من¬ أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

الشكل 2 – الانخفاضات العشرة الأولى المتوقّعة في الفقر الريفي خلال الفترة 2020-2030

المصدر: ساعة الفقر العالمية، المختبر العالمي للبيانات

ما زالت هناك مسائل منهجية مطروحة لوضع اللمسات الأخيرة على الأرقام الخاصة بالفقر الريفي والحضري، ويتعيّن وضع بعض الافتراضات للحصول على تقديرات بحسب القيم الأسية. ولكن الحكومات الوطنية، إلى جانب المنظمات الدولية مثل الصندوق، تعمل معصوبة العينين بغياب هذه البيانات. ونظنّها قادرة الآن على تصميم استراتيجياتها واستثماراتها الرامية إلى الحد من الفقر بشكل يأخذ في الحسبان أوجه التباين بين المناطق الريفية والحضرية والبدء بتحديد خطوط الأساس من البيانات لرصد التقدم المحرز على أساسها. ونظنّ أنه على الرغم من إمكانية اختلاف الأدوات الخاصة بالسياسات للحد من الفقر بين المناطق الحضرية والريفية، ثمة قواسم مشتركة تربط الخطتين ببعضهما البعض. وقد يؤدي تعزيز الادماج والترابط بين الأسواق الريفية والحضرية إلى الحد من تدفقات الهجرة إلى المدن وتحسين مستويات المداخيل في المناطق الريفية. كما قد يحسّن الأمن الغذائي والتغذوي وبناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات المناخية. ويتعيّن تنمية سلاسلة إمدادات السلع والنظم الغذائية المتكاملة، على أن تكمّلها وجهة نظر أوسع للتنمية المكانية واستهداف مناطق محددة عبر التدخلات العامة لئلا تتخلف بشكل أكبر بعد عن الركب. وقد يساعد ذلك على الحد من الفقر الريفي والحضري على حد سواء.

ملاحظة: يرجى توجيه أي أسئلة بشأن المنهجية ونماذج البيانات الأساسية إلى العنوان التالي:  [email protected].

نُشرت هذه المدوّنة أولًا على صفحة  brookings.edu.