مواجهة تحدي الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة: الوقت المناسب للفعل

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

مواجهة تحدي الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة: الوقت المناسب للفعل

المقدر للقراءة دقيقة 8
©IFAD/G.M.B.Akash

على الرغم من أنه لم يتبق لنا حتى الموعد المحدد لتحقيق أهداف التنمية المستدامةغير عشر سنوات، إلا أن الأدلة تشير إلى أن تحقيق هذه الأهداف، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء، يتطلب تغييراً جذرياً في مقدار ونوعية التمويل المتوفر. ورغم ما تظهره البيانات من تخلّف في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة، إلا أن الهدف الثاني يبرز بشكل خاص جراء ضعف ما يشهده من تقدم في العديد من الأقاليم. وعلى سبيل المثال، يرتبط هذا الهدف بالمؤشر الأسوأ أداءً في شرق آسيا وجنوبها، علاوة على تدني أدائه على وجه العموم في أفريقيا جنوب الصحراء، وفي الجزء الأكبر من أمريكا اللاتينية والكاريبي. ويأتي ذلك على الرغم مما يشهده تحقيق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة – القضاء على الفقر المدقع، من تقدّم أفضل بوضوح. وفي حقيقة الأمر، تبعث التوجهات العالمية الخاصة بالهدف الثاني – القضاء التام على الجوع – على القلق البالغ. ويشير التقرير السنوي عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم الصادر سنوياً عن منظمة الأغذية والزراعة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي للسنة الثانية على التوالي حيث تجاوز عدد الأشخاص الذين يعانون منه بصورة مزمنة 821 مليون شخص.

وبالنسبة للمقصدين 3 و4 من مقاصد الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، واللذان يركّزان على مضاعفة الإنتاجية الزراعية ودخل صغار منتجي الأغذية وضمان وجود نظم إنتاج غذائي مستدامة وتنفيذ ممارسات زراعية تتسم بالصمود، فلا تتوفر البيانات على نطاق واسع. إلا أن بعض المقاييس، من قبيل مقدار الإنفاق الحكومي أو المساعدة الإنمائية الرسمية للزراعة أو القيمة الزراعية المضافة للعامل الواحد، تسمح بمعاينة ما يشهده هذان المؤشران الفرعيان من تخلّف ملحوظ أيضاً. وبالمحصلة، هنالك حاجة ملحة متزايدة لتغيير المسار المتبع في تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة – بحيث ننتقل من حالة ترتفع فيها أعداد الأشخاص الذين يعانون من الجوع وانعدام الأمن الغذائي باطراد إلى حالة تقرّبنا من تحقيق هدف القضاء التام على الجوع، وذلك من خلال التركيز على إنتاجية ودخل المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة.  

لكن ما الذي ينبغي تغييره على وجه الدقة؟

أولاً، من الواضح أنه لا بد من زيادة الأموال المخصصة لهذه المشكلة بصورة كبيرة. وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة يتطلب استثماراً سنوياً بقيمة 180 مليار دولار أمريكي. وعلى سبيل توضيح ما يمثّله هذا المبلغ من المنظور العام، يستثمر الصندوق هذا العام أكبر برنامج إقراضي له على الإطلاق بقيمة تكاد تبلغ 1.8 مليار دولار أمريكي، وذلك يعادل 1 في المائة فقط من الأموال اللازمة لتحقيق هذا الهدف. من أي مصدر سيتم تأمين المبلغ المتبقي؟ جزء ضئيل فقط يمكن الحصول عليه من الجهات المانحة التقليدية والمؤسسات متعددة الأطراف. أما الجزء المتبقي فلا بد أن توفره حكومات البلدان النامية ذاتها، والقطاع الخاص بشكل رئيسي، بما يشمل المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة.

ثانياً، وإن توفرت الأموال، فإننا نحتاج إلى التمعن في مختلف الحلول الكفيلة بإحداث أثر تحولي على التقدّم المحرز في تحقيق المقصدين 3 و4 من مقاصد الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة. ولا يكفي السير بالأعمال على النحو المعتاد – من قبيل الاستثمار في الزراعة التجارية واسعة النطاق – للتصدي للتحديات التي يطرحها وضع نظم غذائية تضم المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة كمنتجين ومستهلكين للأغذية في آن واحد بصورة مستدامة، أو زيادة دخلهم. إنما يكمن الحل لذلك في تحسين قدرة الوكالات التقنية والمالية العاملة في الميدان على تلبية احتياجات المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، والتأكد من عدم اقتصار غاية الاستثمارات على رفع الإنتاجية فقط، بل أيضاً على إيجاد أسواق للسلع بهدف توليد الدخل، وإحداث تغييرات في الممارسات تدعم هذه العملية. ومن الضروري تسريع الاستثمارات في زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة، مع توفير حزم دعم مخصوصة تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع المعقدة التي ستجري ضمنها غالبية الاستثمارات المذكورة (مثل الأوضاع الهشة، والبلدان شديدة التأثر بتغيّر المناخ) من أجل استهداف الحلول المجدية.

ثالثاً وأخيراً، ينبغي تنظيم الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف بطريقة كفؤة بغية تلافي الازدواجية وهدر الموارد، والسعي بدل ذلك إلى خلق التآزرات عبر الشراكات والإجراءات التكميلية – وعلى وجه الخصوص إعادة النظر في هيكلية الأمن الغذائي وزراعة أصحاب الحيازات الصغيرة.

كيف يمكننا المضي قدماً في هذه المسائل الثلاث: زيادة الموارد، وتكريس المزيد من الجهود للنهج التحولية، وإصلاح الهيكلية لضمان تحقيق الأهداف بكفاءة؟   

زيادة الاستثمار

لتلبية المتطلبات الهائلة من التمويل التي يحتاجها الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، لا بد من الشروع بمجموعتين أوليتين من الإجراءات. أولاً، يتوجب تكثيف الاستثمارات التقليدية الثنائية أو متعددة الأطراف في البلدان التي تسجّل فيها أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تلك التي تضم أعلى نسبة من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة. وتعد غالبية البلدان التي تسجّل فيها أدنى مستويات الأداء على صعيد تحقيق أهداف التنمية المستدامة بلداناً هشة أو متأثرة بالنزاعات في أفريقيا جنوب الصحراء، وآسيا والشرق الأوسط. وتشهد تلك البلدان أيضاً أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي. ومن الواضح أن هنالك حاجة إلى المزيد من المساعدة فيما يتعلق بالهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما بالمقصدين 3 و4، لإحداث أثر في تلك البلدان.

بالإضافة إلى ما سبق، يجب على المجتمع الدولي تحسين أدائه على صعيد حشد الموارد من المصادر المحلية للبلدان النامية، الأمر الذي يتطلب بدوره انخراطاً سياساتياً بغية تشجيع الحكومات على الإنفاق والاستثمار في إدخال تحسينات فعّالة على زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة. كذلك يتوجب على المجتمع الدولي المساعدة في تحفيز حشد الموارد من القطاع الخاص للإيفاء بمتطلبات المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم العاملة في قطاع الزراعة ونظم الأغذية – ويمكن أن يشمل ذلك إزالة المخاطر من هذا القطاع عبر توفير السلع العامة والتدريب لضمان قدرة المشروعات الريفية داخل المزرعة وخارجها على تلبية متطلبات الجهات الفاعلة الأكبر في القطاع الخاص.

الاستثمارات الموجهة

يتطلب المجال الثاني – الاستثمارات الموجهة للتطرق لانعدام الأمن الغذائي – تركيزاً صريحاً على التحديات المشتركة التي تربط انعدام الأمن الغذائي، والهشاشة وضعف القدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ. وتؤكد البيانات بصورة واضحة ما لتغيّر المناخ من آثار هائلة على انعدام الأمن الغذائي – إذ ترتبط 80 في المائة من الكوارث الطبيعية بتغيّر المناخ، كما يؤثر تغيّر المناخ على مختلف أبعاد انعدام الأمن الغذائي. وتزداد حدة تغيّر المناخ في عدد من البلدان الفقيرة، مثل تلك الواقعة في منطقة الساحل، والتي تتعرض لآثار تزايد موجات الجفاف، والتصحر، والتغيرات الطارئة على درجات الحرارة.

وتزيد هشاشة المؤسسات في هذه البلدان من النتائج المترتبة على الكوارث الطبيعية نظراً لتدني القدرة على الصمود. وتبرز ازدواجية كبيرة في البلدان الواردة ضمن القائمة المنسقة للأوضاع الهشةوتلك التي تواجه التحديات الأكبر على صعيد نقص التغذية. وبالنتيجة، تظهر الحاجة إلى حلول تقنية تركّز على التأقلم مع تغيّر المناخ، وفي بعض الحالات على التخفيف من آثاره، مع ضرورة رفد تلك الحلول بجهود ترمي إلى تعزيز المؤسسات الحكومية. علاوة على ذلك، هنالك حاجة في البلدان الهشة المتأثرة بالنزاعات لتدخلات تركّز على الرابط بين المساعدة الإنسانية والمساعدة الإنمائية.

الدعوة للعمل

يركّز الصندوق على الاستثمار في الهدفين الأول والثاني من أهداف التنمية المستدامة والتطرق لهما، وهو يولي في ذلك اهتماماً مخصوصاً للمقصدين 3 و4 من مقاصد الهدف الثاني. ويعني ذلك أن الصندوق يسعى للحد من الفقر الريفي واستئصال الفقر المدقع لدى المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكّلون القسم الأكبر من مزارعي العالم. وتعد الحاجة البالغة لزيادة الاستثمارات عبر كسب تأييد جهات فاعلة جديدة، وتحسين تلك الاستثمارات من خلال استهداف الأسباب الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي، جزءاً لا يتجزأ من رؤية الصندوق للتحولات التي يسعى لإحداثها من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتخضع هذه الرؤية لنقاشات وحوارات نشطة بين الدول الأعضاء في الصندوق، وهي تضع ركائز طريقة عمل جديدة.