عندما تكون القدرة على الصمود غير كافية

IFAD Asset Request Portlet

ناشر الأصول

عندما تكون القدرة على الصمود غير كافية

من غير المزيد من الاستثمار، يسير السكّان الريفيون على خطّ رفيع بين النجاح بمشقّة والفشل

المقدر للقراءة دقيقة 5

غالبًا ما يكون الخط بين النجاح بمشقّة والفشل دقيقًا جدًا. 

عندما نتحدّث عن القدرة على الصمود، أتذكّر Madame Libératrice – وهي مشاركة في مرفق الصندوق لتحفيز فقراء الريف في جمهورية الكونغو الديمقراطية. فبعد التعافي من انتكاسات جائحة كوفيد-19 والنجاة من ثورة بركان نييراغونغو القريب المدمّر في العام 2020، ادّخرت المال واشترت ماشية كي لا تعتمد فقط على الدخل الذي تكسبه من زراعة البطاطس. 

Madame Libératrice ، مشاركة في مرفق الصندوق لتحفيز فقراء الريف في جمهورية الكونغو الديمقراطية. 
©IFAD / PASA - NK 

هذا مفهومنا لـ "القدرة على الصمود" – القدرة على تحمّل المصاعب أو التعافي منها. 

وقد عملت دون كلل ولا ملل، وادخرت من أجل تجديد منزلها، وأرسلت ابنتها الكبرى إلى الجامعة. وكانت Madame Libératrice مفعمة بالأمل في المستقبل. 

ثمّ في العام 2022، استهدف اقتحام عنيف لمتمردين مسلحين قريتها وفقدت كلّ شيء. واليوم تعيش في مخيم للنازحين. وعندما ينتهي النزاع، لن يكون هناك أي شيء تعود إليه. 

نحن بحاجة للقدرة على الصمود على نطاق العالم ... 

قصّة Madame Libératrice ما هي إلّا واحدة من قصص عديدة تشير إلى هشاشة المكاسب الريفيّة في عالم يتسم بعدم اليقين. الكوارث، بما في ذلك أحوال الطقس التي تزداد تطرفًا مثل الفيضانات الناجمة عن تغير المناخ، يمكن أن تقلب حياة الناس رأسا على عقب وتعكس عقودًا من التقدّم والتنمية. 

والقدرة الفرديّة على الصمود هي ببساطة غير كافية، كما تظهر التداعيات العالميّة للحرب في أوكرانيا، على سبيل المثال. ولكي يكون السكان الريفيون قادرين على الصمود حقًا، فإنّهم يحتاجون لأن يكون مجتمعهم المحلي، وبلدهم، وكوكبهم قادرًا على الصمود.  

ولهذا السبب يقوم الصندوق بإنشاء شراكات مع المجتمعات المحليّة، والحكومات، والقطاع الخاص لبناء القدرة على الصمود على مستويات عديدة، معتمدًا على مشاركة عميقة وطويلة الأمد بحيث يمكن تجنب أو تحمل المزيد من الكوارث.  

... ومن أجل القدرة على الصمود على نطاق واسع، نحتاج للاستثمار  

والقدرة على الصمود واسعة النطاق ليست مجرد حلم صعب المنال. ومنذ إنشائه، كانت مهمّة الصندوق الوقوف مع والاستثمار في  ملايين السكان الريفيين في أكثر من 90 بلدا

وتظهر خبرتنا أن هذه الاستثمارات يمكن أن تتحمّل أشد الأزمات وأطولها. 

وعلى سبيل المثال، في العام 2010، أتيحت للسكّان الريفيين السوريين فرصة شراء أسهم في صناديق مجتمعية تديرها المجتمعات المحليّة. ثم أضاف الصندوق إلى هذه الأموال، التي جرى إقراضها فيما بعد إلى الأعضاء. وبعد فترة وجيزة من إنشاء المشروع، نشبت الحرب وانتهى الصندوق إلى تعليق العمليات في سوريا في العام 2015. 

وعلى الرغم من إغلاق المشروع والنزاع المستمر، ما زالت هذه الصناديق المجتمعيّة تعمل بالكامل وتواصل تقديم القروض، ومساعدة أكثر من 000 15 سوري على تأمين سبل عيشهم وتحمل الكارثة. 

Ilisapesi Pani (إلى اليسار) و Meleane Mahe (إلى اليمين) في مشتل مجتمعي في تونغا. ©IFAD/ Todd M. Henry 

عندما ضرب إعصار جيتا إيوا تونغا في العام 2018، دمر الكثير من المحاصيل. وقدّم الصندوق للسكّان الريفيين، أمثال Ilisapesi وMeleane، ما يحتاجون إليه من أجل إنشاء حدائق خضروات في الحدائق الخلفيّة لمنازلهم. وبفضل هذه الحدائق استطاعت الأسر الحصول على المنتجات الطازجة عندما حدثت الأزمة مرة أخرى في العام 2020، وتركت قيود جائحة كوفيد-19 هذه الدولة الجزرية النائية أكثر عزلة. 

وفي باكستان، قدّم مشروع مدعوم من الصندوق المشورة للمزارعين بواسطة هواتفهم المحمولة بدلًا من عمّال الإرشاد الزراعي خلال الجائحة. وعندما ضربت فيضانات مدمرة البلد في صيف عام 2022، استخدمت نفس هذه التكنولوجيا لتحذير المزارعين، مما أتاح لهم حصاد القطن مبكرًا أو حماية حيواناتهم، وزيادة قدرتهم على الصمود في مواجهة هذه الكارثة المناخيّة المدمّرة.

قلبت فيضانات كارثية في باكستان في أغسطس/آب 2022 حياة الملايين من الناس رأسا على عقب. 
©Abdul Majeed Goraya/ IRIN

هذه مجرد أمثلة قليلة من أمثلة لا تحصى على كيفية بناء مشاركتنا طويلة الأجل لأكثر من قدرة الأفراد على الصمود، من خلال دعم وتغذية السكّان، والمجتمعات المحليّة، والبلدان، حتى عندما تحدث أزمة. 

وبالنسبة للسكّان الريفيين، الذين يواجهون تحدّيات لا تتصور، يعتبر الالتزام طويل الأجل حاسمًا. ولهذا السبب، فإن الصندوق سيوجّه نداء هذا العام لا يمكن تجاهله: لقد حان الوقت ليوم جديد. لقد حان الوقت للاستثمار في مستقبلنا وبناء القدرة على الصمود المهمّة حقًا.